شرُّ صفوف الرجال آخرها (١) يريد نقصان حظهم عن حظ الصف الأول، ولا يجوز أن يريد به التفضيل في الشرِّ.
قلت: وأوضح من هذا وأبعد من الاعتراض أن يقال إن الأصل في أفعل ما ذكر، غير أن المعنى الذي يقصد به المفاضلة فيه قد يكون معنى وجوديًا، كما يقال: بياض الثلج أشدُّ من بياض العاج، وقد يكون المعنى توهُّميا بحسب زعم المخاطب، كما قال تعالى:{فَسَيَعلَمُونَ مَن هُوَ شَرٌّ مَكَانًا}، وذلك أن الكفار زعموا أن المؤمنين شرٌّ منهم، فأجيبوا بأن قيل لهم: ستعلمون باطل زعمكم بأن تشاهدوا عاقبة من هو الموصوف بالشر، وعلى هذا يخرج معنى البيت، فإنَّهم كانوا يعتقدون في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شرًّا، فخاطبهم بحسب زعمهم، ودعا على الأشر من الفريقين منهما له وهو يعنيهم قطعًا، فإنَّهم هم أهل الشر، لكنهم أتاهم بدعاء نَصَف يُسكِت الظالم ويُرضي المظلوم.