رواه أحمد (٦/ ٢٨٥)، ومسلم (٢٤٩٦)، وابن ماجه (٤٢٨١).
* * *
ــ
{لَقَد رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ} وبغير ذلك، وصار هذا الاستثناء كقوله تعالى:{لَتَدخُلُنَّ المَسجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}
و(قول حفصة بلى) قول أخرجه منها الشهامة النفسية والقوة العمرية، فإنَّها كانت بنت أبيها، وهذا من نحو قول عمر رضي الله عنه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنافقين: أتصلي عليهم؟ وتمسكها بعموم قوله تعالى:{وَإِن مِنكُم إِلا وَارِدُهَا} دليلٌ على أن منكم للعموم عندهم وأن ذلك معروف من لغتهم، وانتهار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها تأديب لها وزجر عن بادرة المعارضة وترك الحرمة، ولما حصل الإنكار صرحت بالاعتذار فذكرت الآية، وحاصل ما فهمت منها أن الورود فيها بمعنى الدخول وأنها قابلت عموم قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار أحدٌ ممن بايع تحت الشجرة بعموم قوله تعالى {وَإِن مِنكُم إِلا وَارِدُهَا} وكأنها رجَّحت عموم القرآن فتمسكت به، فأجابها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن آخر الآية يبيِّن المقصود، فقرأ قوله تعالى {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} وحاصل الجواب تسليم أن الورود دخول، لكنه دخول عبور، فينجو من اتقى، ويترك فيها من ظلم، وبيان ذلك أن جهنم - أعاذنا الله منها - محيطة بأرض المحشر وحائلة بين الناس وبين الجنة، ولا طريق للجنة إلا الصراط الذي هو جسر ممدود على متن جهنم، فلا بدَّ لكل من ضمَّه المحشر من العبور عليه؛ فناج مُسَلَّم، ومخدوش مرسل، ومكردسٌ في نار جهنم - كما تقدَّم، وهذا قول الحسن وقتادة، وهو الذي تعضده الأخبار الصحيحة والنظر المستقيم.