للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٤٠٤] وعن أُمُّ مُبَشِّرٍ قالت: سَمِعَت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِندَ حَفصَةَ: لَا يَدخُلُ النَّارَ - إِن شَاءَ اللَّهُ - مِن أَصحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ - الَّذِينَ بَايَعُوا تَحتَهَا،

ــ

وفي حديث حاطب هذا أبواب من الفقه وأدلَّة على صحة نبوة نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى فضائل أهل بدر وحاطب بن أبي بلتعة، فمن جملة ما فيه من الفقه: أن ارتكاب الكبيرة لا يكون كفرًا، وأن المتأوِّل أعذر من العامد، وقبول عذر الصادق، وجواز الاطلاع من عورة المرأة على ما تدعو إليه الضرورة - ففي بعض رواياته أنهم فتشوا من المرأة كل شيء حتى قبلها.

ومنه ما يدلُّ على أن الجاسوس حكمه بحسب ما يجتهد فيه الإمام على ما يقوله مالك، وقال الأوزاعي: يعاقب، وينفى إلى غير أرضه. وقال أصحاب الرأي: يعاقب ويسجن. وقال الشافعي: إن كان من ذوي الهيئات كحاطب عفي عنه، وإلا عُزِّر. وجميع أهل بدر ثلاثمائة وسبعة عشر رجلًا باتفاق أئمة السير والتواريخ، واختلف في طائفة نحو الخمسة هل شهدوها أم لا؟ وتفصيل ذلك في كتب السِّير.

و(قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار - إن شاء الله - من أصحاب الشجرة أحد (١) - الذين بايعوا تحتها)، هذه الشجرة هي شجرة بيعة الرضوان التي قال الله تعالى فيها: {لَقَد رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبَايِعُونَكَ تَحتَ الشَّجَرَةِ} وكانت بالحديبية التي تقدم ذكرها. والمبايعون تحتها كانوا ألفًا وأربعمائة، وقيل: وخمسمائة - كانوا بايعوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الموت أو على ألا يفرُّوا، على خلاف بين الرواة. ثم إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صالح أهل مكة، وكفى الله المؤمنين القتال وأحرز لهم الثواب، وأثابهم فتحًا قريبًا ورضوانًا عظيمًا. واستثناؤه ـ صلى الله عليه وسلم ـ هنا بقوله إن شاء الله استثناء في واجب قد أعلمه الله تعالى بحصوله بقوله


(١) ما بين حاصرتين ورد في (ز): أحد من أصحاب الشجرة، وما أثبتناه يتفق مع ما ورد في صحيح مسلم والتلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>