للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٤٠٦] وعَن أَبِي بُردَةَ، عَن أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِن حُنَينٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيشٍ إِلَى أَوطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيدَ بنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصحَابَهُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: وَبَعَثَنِي مَعَ أَبِي عَامِرٍ. قَالَ: فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكبَتِهِ؛ رَمَاهُ رَجُلٌ مِن بَنِي جُشَمٍ بِسَهمٍ فَأَثبَتَهُ فِي رُكبَتِهِ، فَانتَهَيتُ إِلَيهِ فَقُلتُ: يَا عَمِّ، مَن رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ أَبُو عَامِرٍ إِلَى أَبِي مُوسَى فَقَالَ: إِنَّ ذَاكَ قَاتِلِي، تَرَاهُ ذَاكَ الَّذِي رَمَانِي؟ قَالَ أَبُو مُوسَى: فَقَصَدتُ لَهُ

ــ

و(قول النبي صلى الله عليه وسلم أبشر) ولم يذكر له عين ما بشره به؛ لأنَّه - والله أعلم - قصد تبشيره بالخير على العموم الذي يصلح لخير الدنيا والآخرة، ولما جهل ذلك ردَّه لحرمانه وشقوته، ولما عرض ذلك على من عرف قدره بادر إليه وقبله، فنال من البشارة الخير الأكبر والحظَّ الأوفر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وكونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ غسل وجهه في الماء وبصق فيه وأمره بشرب ذلك والتمسح به مبالغة في إيصال الخير والبركة لهما، إذ قد ظهرت بركته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما لمسه أو باشره أو اتصل به منه شيء، ولما تحققت أم سلمة ذلك سألتهما أن يتركا لها فضلة من ذلك ليصيبها من تلك البشرى ومن تلك البركة حظٌّ.

وفيه ما يدل على جواز الاستشفاء بآثار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبكلماته ودعواته، وعلى جواز النشرة بالماء الذي يرقى بأسماء الله تعالى وبكلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم ذكر الخلاف في النشرة في كتاب الطب.

وأوطاس: موضع قريب من حنين.

وبعث أبي عامر إنما كان لتتبع منهزمة هوازن بحنين، ويُسمَّى خيله خيل الطلب، وأبو عامر هذا اسمه عبيد بن سليم بن حضَّار الأشعري، وكان أبو عامر هذا من كبار الصحابة، عقد له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لواءً يوم ولاه على هذا الجيش، وختم الله تعالى له بالشهادة وبدعاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمغفرة.

و(قول أبي عامر إن ذاك قاتلي، تراه ذاك الذي رماني؟ )، كذا الرواية الصحيحة تراه بالتاء باثنتين من فوقها، والكلام كله لأبي عامر، وكأن الذي رمى

<<  <  ج: ص:  >  >>