للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: لَيسَ بِأَحَقَّ بِي مِنكُم، لَهُ وَلِأَصحَابِهِ هِجرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُم أَنتُم أَهلَ السَّفِينَةِ هِجرَتَانِ، قَالَت: فَلَقَد رَأَيتُ أَبَا مُوسَى وَأَصحَابَ السَّفِينَةِ يَأتُونِي أَرسَالًا، يَسأَلُونِي عَن هَذَا الحَدِيثِ، مَا مِن الدُّنيَا شَيءٌ هُم بِهِ أَفرَحُ وَلَا أَعظَمُ فِي أَنفُسِهِم مِمَّا قَالَ لَهُم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

رواه البخاريُّ (٤٢٣٠)، ومسلم (٢٥٠٢).

* * *

ــ

و(قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ليس أحق بي منكم) يعني في الهجرة لا مطلقًا. وإلا فمرتبة عمر رضي الله عنه وخصوصية صحبته للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معروفة بدليل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: له ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أهل السفينة هجرتان. وسبب ذلك أن عمر وأصحابه هاجروا من مكة إلى المدينة هجرة واحدة في طريق واحد، وهاجر جعفر وأصحابه إلى أرض الحبشة، وتركوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة، ثم إنهم لما سمعوا بهجرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة ابتدؤوا هجرة أخرى إليه، فتكرر الأجر بحسب تكرار العمل والمشقة في ذلك.

و(قولها: يأتوني أرسالًا)، أي: متتابعين جماعة بعد جماعة، وواحد الأرسال: رسل، كأحمال جمع حمل. يقال: جاءت الخيل أرسالًا، أي: قطعة قطعة، ففيه قبول أخبار الآحاد، وإن كان خبر امرأة، وفيما ليس طريقا للعمل، والاكتفاء بخبر الواحد المفيد لغلبة الظن مع التمكن من الوصول إلى اليقين، فإنَّ الصحابة رضي الله عنهم اكتفوا بخبرها، ولم يراجعوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن شيء من ذلك، وخبرها يفيد ظن صدقها، لا العلم بصدقها، فافهم هذا.

و(قولها: ما من الدنيا شيءٌ هُم أفرح به، ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ) تعني: ما من الدنيا شيء يحصل به ثواب عند الله تعالى هو في

<<  <  ج: ص:  >  >>