للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زَنَيتَ بِهَذِهِ البَغِيِّ فَوَلَدَت مِنكَ، فَقَالَ: أَينَ الصَّبِيُّ؟ فَجَاؤوا بِهِ فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَصَلَّى، فَلَمَّا انصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطنِهِ، فَقَالَ: يَا غُلَامُ مَن أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، قَالَ: فَأَقبَلُوا عَلَى جُرَيجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبنِي لَكَ صَومَعَتَكَ مِن ذَهَبٍ، قَالَ: لَا أَعِيدُوهَا مِن طِينٍ، كَمَا كَانَت، فَفَعَلُوا. وَبَينَا صَبِيٌّ يَرضَعُ مِن أُمِّهِ فَمَرَّ رَجُلٌ

ــ

و(قوله: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي) يتمسك به من قال: إن الزنى يحرم كما يحرم الوطء الحلال، فلا تحل أم المزني بها، ولا بناتها للزاني، ولا تحل المزني بها لآباء الزاني، ولا لأولاده. وهي رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة، وفي الموطأ: أن الزنى لا يحرم حلالا. ويستدل به أيضًا: أن المخلوقة من ماء الزاني لا تحل للزاني بأمها، وهو المشهور، وقد قال عبد الملك بن الماجشون: أنها تحل، ووجه التمسك على تينك المسألتين: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قد حكى عن جريج أنه نسب ابن الزنى للزاني، وصدق الله نسبته بما خرق له من العادة في نطق الصبي بالشهادة له بذلك، فقد صدق الله جريجا في تلك النسبة وأخبر بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عن جريج في معرض المدح لجريج وإظهار كرامته، [فكانت تلك النسبة صحيحة بتصديق الله وبإخبار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فثبتت البنوة] (١) وأحكامها. لا يقال: فيلزم على هذا أن تجري بسببهما أحكام البنوة والأبوة من التوارث، والولايات، وغير ذلك، وقد اتفق المسلمون على: أنه لا توارث بينهما، فلم تصح تلك النسبة، لأنَّا نجيب عن ذلك بأن ذلك موجب ما ذكرناه، وقد ظهر ذلك في الأم من الزنى؟ فإنَّ أحكام البنوة والأمومة جارية عليهما، فما انعقد الإجماع عليه من الأحكام: أنه لا يجري بينهما استثنيناه، وبقي الباقي على أصل ذلك الدليل. وفيها مباحث تستوفى في غير هذا الموضع - إن شاء الله تعالى -.

و(قوله: نبني صومعتك من ذهب. قال: لا! إلا من طين كما كانت) يدل


(١) ما بين حاصرتين سقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>