للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (٤/ ٨٤)، والبخاريُّ (٥٩٨٤)، ومسلم (٥٥٦)، وأبو داود (١٦٩٦)، والترمذي (١٩٠٩).

ــ

صحيح لكثرة مجيء لفظ قاطع في الشرع مضافا إلى الرحم، فإذا ورد عريا عن الإضافة حمل على ذلك الغالب. والكلام في كون القاطع لا يدخل الجنة قد تقدَّم في الإيمان؛ وأنه يصح أن يحمل على المستحل لقطع الرحم، فيكون القاطع كافرا، أو يخاف أن يفسد قلبه بسبب تلك المعصية فيختم عليه بالكفر، فلا يدخل الجنة، أو لا يدخل الجنة في الوقت الذي يدخلها الواصل لرحمه، لأنَّ القاطع يحبس في النار بمعصيته، ثم بعد ذلك يخلص منها بتوحيده، كل ذلك محتمل، والله ورسوله أعلم بعين المقصود.

وهذا الحديث يدلّ دلالة واضحة على وجوب صلة الرحم على الجملة، وعلى تحريم قطعها، وأنه كبيرة. ولا خلاف فيه. لكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، فأدناها ترك المهاجرة، وأدنى صلتها بالسلام (١). كما قال صلى الله عليه وسلم: صلوا أرحامكم ولو بالسلام (٢) وهذا بحسب القدرة عليها، والحاجة إليها، فمنها ما يتعين ويلزم، ومنها ما يستحب ويرغب فيه، وليس من لم يبلغ أقصى الصلات يسمى قاطعا، ولا من قصر عما ينبغي له، ويقدر عليه يسمى واصلا. قال القاضي: وقد اختلف في الرحم التي تجب صلتها، فقال بعض أهل العلم: هي كل رحم محرم، وعلى هذا فلا تجب في بني الأعمام وبني الأخوال، وقيل: بل هذا في كل رحم ممن ينطلق عليه ذلك من ذوي الأرحام في المواريث محرما كان، أو غير محرم.


(١) كذا في جميع نسخ المفهم، وما وردَ في "إكمال إكمال المعلم" أوضح في بيان المقصود. قال الأُبيُّ: والصِّلة درجات بعضها فوق بعض، وأدناه تركُ المهاجرة، والكلام ولو بالسلام. إكمال إكمال المعلم (٧/ ١٢).
(٢) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ١٥٢) وقال: رواه البزار، وفيه يزيد بن عبد الله بن البراء الغنوي، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>