{عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبدِلَهُ أَزوَاجًا خَيرًا مِنكُنَّ} وإذا اتصل بعسى ضمير فاعل كان فيها لغتان، فتح السين وكسرها، وقرئ بهما، وظاهر الآية: أنه خطاب لجميع الكفار. قال قتادة: معنى الآية: فلعلكم - أو يخاف عليكم - إن أعرضتم عن الإيمان أن تعودوا إلى الفساد في الأرض بسفك الدماء.
قلت: وعلى هذا فتكون الرحم المذكورة هنا رحم دين الإسلام والإيمان التي قد سماها الله إخوة بقوله: {إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ} وقال الفراء: نزلت هذه الآية في بني هاشم وبني أمية. وعلى هذا فتكون رحم القرابة، وعلى هذا فالرحم المحرم قطعها، المأمور بصلتها على وجهين؛ عامة وخاصة.
فالعامة: رحم الدين، وتجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة لهم، وترك مضارتهم، والعدل بينهم، والنصفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة كتمريض المرضى، وحقوق الموتى: من غسلهم، والصلاة عليهم، ودفنهم، وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم.
وأما الرحم الخاصة: فتجب لهم الحقوق العامة، وزيادة عليها كالنفقة على القرابة القريبة، وتفقد أحوالهم، وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب كما تقدَّم.
و(قوله: لا يدخل الجنة قاطع) قال سفيان يعني: قاطع رحم. هذا التفسير