عموم الأشخاص من من وعموم الأفعال السيئة من سوء المذكور في سياق الشرط، وقد أوضحنا ذلك في الأصول، وإنما عظم موقع هذه الآية عليهم؛ لأنَّ ظاهرها: أن ما من مكلف يصدر عنه شر كائنا ما كان إلا جوزي عليه، يوم الجزاء، وأن ذلك لا يغفر، وهذا أمر عظيم، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شدة ذلك عليهم سكنهم وأرشدهم وبشرهم، فقال: قاربوا وسددوا أي: قاربوا في أفهامكم وسددوا في أعمالكم، ولا تقلوا، ولا تشددوا على أنفسكم، بل بشروا واستبشروا بأن الله تعالى بلطفه قد جعل المصائب التي لا ينفك عنها أحد في هذه الدار سببا لكفارة الخطايا والأوزار، حتى يرد عليه المؤمن يوم القيامة وقد خلصه من تلك الأكدار، وطهره من أذى تلك الأقذار، فضلا من الله ونعمة، ولطفا ورحمة.
و(قوله: حتى الهم يهمه) يجوز في الهم الخفض على العطف على لفظ ما قبله، والرفع على موضعه؛ فإنَّ من زائدة، ويجوز رفعه على الابتداء وما بعده خبره.
فأمَّا (قوله: حتى النكبة ينكبها، والشوكة يشاكها) فيجوز فيه الوجهان، كذلك قيدهما المحققون، غير أن رفع الشوكة لا يجوز إلا على الابتداء خاصة، لأنَّ ما قبلها لا موضع رفع له فتأمله، وقيده القاضي: يهمه بضم الياء وفتح الهاء على ما لم يسم فاعله، وكذا وجدته مقيدا بخط شيخي أبي الصبر أيوب، والذي أذكر أني قرأت به على من أثق به؛ بفتح يهمه -بفتح الياء وضم الهاء مبنيا للفاعل -، ووجهه واضح إذ معناه: حتى الهم يصيبه، أو يطرأ عليه. والنكبة بالباء: العثرة والسقطة، وينكبها - بضم الياء وفتح الكاف -: مبنيا للمفعول.