للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن الحق، فهذا هو الضلال المعني، لكن من أراد الله تعالى توفيقه ألهمه إلى إعمال الفكر المؤدي إلى معرفة الله تعالى، ومعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وأعانه على الوصول إلى ذلك، وعلى العمل بمقتضاه، وهذا هو الهدى الذي أمرنا الله بسؤاله (١).

وثانيهما: أن الضلال هاهنا يعني به: الحال التي كانوا عليها قبل إرسال الرسل من: الشرك، والكفر، والجهالات، وغير ذلك، كما قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} أي: على حالة واحدة من الضلال والجهل، فأرسل الله الرسل ليزيلوا عنهم ما كانوا عليه من الضلال، ويبين لهم مراد الحق منهم في حالهم، ومآل أمرهم، فمن نبهه الحق سبحانه وتعالى، وبصره، وأعانه فهو المهتدي، ومن لم يفعل الله به ذلك بقي على ذلك الضلال.

وعلى كل واحد من التأويلين فلا معارضة بين قوله تعالى: كلكم ضال إلا من هديته وبين قوله: كل مولود يولد على الفطرة (٢)، لأنَّ هذا الضلال المقصود في هذا الحديث هو الطارئ على الفطرة الأولى المغير لها، الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم بالتمثيل في بقية الخبر حيث قال: كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء (٣). وبقوله: خلق الله الخلق على معرفته فاجتالتهم الشياطين (٤). وهذا الحديث حجَّة لأهل الحق على قولهم: إن الهدى والضلال خلقه وفعله يختص بما شاء


(١) ما بين حاصرتين سقط من (ع).
(٢) رواه أحمد (٢/ ٣٩٣)، والبخاري (١٣٥٩)، ومسلم (٢٦٥٨).
(٣) رواه أحمد (٢/ ٢٣٣ و ٢٧٥ و ٣٩٣)، والبخاري (٤٧٧٥)، ومسلم (٢٦٥٨).
(٤) رواه مسلم (٢٨٦٥) بلفظ: "إني خلقتُ عبادي حنفاء كلَّهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>