للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يؤخذ مما عليه من الحقوق، وبينا ما يرد عليه، وبماذا ينفصل عنه.

و(قوله: لتؤدُّنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة) هذا جواب قسم محذوف، كأنه قال: والله لتؤدّن. والحقوق: جمع حق، وهو ما يحق على الإنسان أن يؤديه، وهو يعم حقوق الأبدان، والأموال، والأعراض، وصغير ذلك وكبيره. كما قال تعالى: {وَيَقُولُونَ يَا وَيلَتَنَا مَالِ هَذَا الكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحصَاهَا} وكما قال: {وَإِن كَانَ مِثقَالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}

و(قوله: حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) والجلحاء: هي التي لا قرون لها. وكبش أجلح، وشاة جلحاء. ويقاد: من القود، أي: القصاص. وقد حكي أن أبا هريرة - رضي الله عنه - حمل هذا الحديث على ظاهره، فقال: يؤتى بالبهائم فيقال لها: كوني ترابا، وذلك بعدما يقاد للجماء (١) من القرناء، وحينئذ: {وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيتَنِي كُنتُ تُرَابًا} وقد قيل في معنى الحديث: إن المقصود منه التمثيل على جهة تعظيم أمر الحساب والقصاص، والإغياء فيه حتى يفهم منه: أنه لا بد لكل أحد منه، وأنه لا محيص له عنه، ويتأيد هذا بما جاء في هذا الحديث عن بعض رواته من الزيادة، فقال: حتى يقاد للشاة الجلحاء من القرناء، وللحجر لم ركب على الحجر وعلى العود خدش العود فظهر من هذا: أن المقصود منه التمثيل المفيد للإغياء والتهويل، لأنَّ الجمادات لا يعقل خطابها ولا ثوابها ولا عقابها، ولم يصر إليه أحد من العقلاء، ومتخيله من جملة المعتوهين الأغبياء، ونظير هذا التمثيل قوله تعالى: {وَلَو أَنَّ قُرآنًا سُيِّرَت بِهِ الجِبَالُ} وقوله: {لَو أَنزَلنَا هَذَا القُرآنَ عَلَى جَبَلٍ} الآية، فتدبر وجه التنظير، والله بحقائق الأمور عليم خبير.


(١) في (ز): الجلحاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>