رواه أحمد (٦/ ٣٨)، والبخاريّ (٦٠٥٤)، ومسلم (٢٥٩١)، والترمذيُّ (١٩٩٦).
* * *
ــ
قلت: ويظهر من قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من وَدَعَه الناس اتقاء فُحشه أن عيينة ختم له بخاتمة سوء، لأنَّه ممن اتقى النبي صلى الله عليه وسلم، فُحشه وشره، والناس. فهو إذا شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، ولا يكون كذلك حتى يختم الله تعالى له بالكفر، والله تعالى أعلم.
ففي حديثه من الفقه: جواز غيبة المعلن بفسقه ونفاقه، والأمير الجائر والكافر، وصاحب البدعة، وجواز مداراتهم اتقاء شرهم، لكن ما لم يؤدِ ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى. والفرق بين المداراة والمداهنة، أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين، وهي مباحة ومستحسنة في بعض الأحوال، والمداهنة المذمومة المحرمة: هي بذل الدين لصالح الدنيا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بذل له من دنياه حُسن عشرته، والرفق في مكالمته، وطلاقة وجهه، ولم يمدحه بقول، ولا روعي في ذلك في حديث. فعلى هذا فلا يناقض قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الرجل فعله معه، لأنَّ قوله ذلك إخبار بحق، ومداراته له حسن عشرة مع الخلق، فلا مدفع لأهل الزيغ والضلال، إذ لا يبقى على ما أوضحناه إشكال.
و(قوله: من وَدَعَه، أو تركه الناس اتقاء فحشه) هذا شك من بعض الرواة في أي اللفظين قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان الصحيح: وَدَعَه، فقد تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بالأصل المرفوض، كما قد تكلم به الشاعر الذي هو أنس بن زنيم في قوله:
سل أميري ما الذي غيره ... عن وصالي اليوم حتى وَدَعَه