للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٤٩٧] وعن عَائِشَةُ: أَنَّ رَجُلًا استَأذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ائذَنُوا لَهُ فَلَبِئسَ ابنُ العَشِيرَةِ - أَو بِئسَ رَجُلُ العَشِيرَةِ - فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيهِ أَلَانَ لَهُ

ــ

و(قوله صلى الله عليه وسلم: بئس ابن العشيرة، أو: رجل العشيرة) هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذم لهذا الرجل في حال غيبته لما علم النبي صلى الله عليه وسلم من حاله، وأنه ممن لا غيبة فيه، وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن مالك الفزاري، أسلم بعد الفتح، وقيل: قبله، وهو من المؤلفة قلوبهم، وكان من الأعراب الجفاة. روى أبو عمر بن عبد البر عن إبراهيم النخعي: أن عيينة دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بغير إذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأين الإذن؟ فقال: ما استأذنت على أحد من مضر، وكانت عائشة - رضي الله عنها - مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من هذه الحميراء؟ فقال: أم المؤمنين. فقال: ألا أنزل لك عن أجمل منها؟ فقالت عائشة - رضي الله عنها -: من هذا يا رسول الله؟ قال: هذا أحمق مطاع، وهو على ما ترين سيد قومه (١).

وقال الزهري: كان لعيينة ابن أخ من جلساء عمر - رضي الله عنه - يقال له الجد بن قيس، فقال عيينة لابن أخيه: ألا تدخلني على هذا؟ فقال: أخاف أن تتكلم بما لا ينبغي، فقال: لا أفعل، فأدخله على عمر - رضي الله عنه - فقال: يا بن الخطاب، والله ما تقسم بالعدل، ولا تعطي الجزل، فغضب عمر - رضي الله عنه - غضبا شديدا حتى هم أن يوقع به، فقال ابن أخيه: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى يقول في كتابه: {خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجَاهِلِينَ} وإن هذا من الجاهلين. قال: فخلى عنه عمر، وكان عمر - رضي الله عنه - وقافا عند كتاب الله تعالى.

قال القاضي عياض: وقد كان من عيينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد موته ما يدلّ على ضعف إيمانه، بل فيه علم من إعلام النبي صلى الله عليه وسلم، أنه بئس ابن العشيرة، وقد ظهر ذلك منه، إذ هو ممن ارتد وجيء به أسيرا إلى أبي بكر - رضي الله عنه - والله أعلم بما ختم له.


(١) رواه ابن عبد البر في الاستيعاب (٣/ ١٦٧) على هامش الإصابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>