للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٥٣٥] وعنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رُبَّ أَشعَثَ مَدفُوعٍ بِالأَبوَابِ لَو أَقسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ.

رواه مسلم (٢٦٢٢).

* * *

ــ

كالهالكين، فلا يتناوله هذا الذم، فإنَّها عادة جارية في أهل العلم والفضل، يعظمون أسلافهم، ويفضلونهم على من بعدهم، ويقصرون بمن خلفهم، وقد يكون هذا على جهة الوعظ والتذكير ليقتدي اللاحق بالسابق، فيجتهد المقصر، ويتدارك المفرط، كما قال الحسن - رحمه الله -: لقد أدركت أقواما لو أدركتموهم لقلتم: مرضى، ولو أدركوكم لقالوا: هؤلاء لا يؤمنون بيوم الحساب.

وأما من قيده بالنصب فيكون معناه: أن الذي قال لهم ذلك مقنطا لهم: هو الذي أهلكهم بهذا القول، فإنَّ الذي يسمعه قد ييأس من رحمة الله فيهلك، وقد يغلب على القائل رأي الخوارج فيهلك الناس بالخروج عليهم، ويشق عصاهم بالقتال، وغير ذلك، كما فعلت الخوارج، فيكون قد أهلكهم حقيقة وحسا، وقيل: معناه: إن الذي قال فيهم ذلك، لا الله تعالى؛ فكأنه قال: هو الذي ظن ذلك من غير تحقيق ولا دليل من جهة الله تعالى. والله تعالى أعلم.

و(قوله: رب أشعث مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره) الأشعث: المتلبد الشعر غير المدهنه. والمدفوع بالأبواب، أي: عن الأبواب. فلا يترك بقربها احتقارا له، ويصح أن يكون معناه: يدفع بسد الأبواب في وجهه كلما أراد دخول باب من الأبواب، أو قضاء حاجة من الحوائج.

و(قوله: لو أقسم على الله لأبره) أي: لو وقع منه قسم على الله في شيء لأجابه الله تعالى فيما سأله؛ إكراما له، ولطفا به، وهذا كما تقدَّم من قول أنس بن النضر: لا والله لا تكسر ثنية الربيع أبدا. فأبر الله قسمه؛ بأن جعل في قلوب الطالبين للقصاص الرضا بالدية، بعد أن أبوا قبولها، وكنحو ما اتفق للبراء لما

<<  <  ج: ص:  >  >>