[٢٥٣٤] وعن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلكهم.
رواه أحمد (٢/ ٣٤٢)، ومسلم (٢٦٢٣)، وأبو داود (٤٩٨٣).
ــ
و(قوله: من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان) استفهام على جهة الإنكار والوعيد، ويستفاد منه: تحريم الإدلال على الله تعالى، ووجوب التأدب معه في الأقوال والأحوال، وأن حق العبد أن يعامل نفسه بأحكام العبودية، ومولاه بما يجب له من أحكام الإلهية والربوبية.
و(قوله: فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك) دليل على صحَّة مذهب أهل السنة: أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب، وهو موجب قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} وأن لله تعالى أن يفعل في عبيده ما يريد من المغفرة والإحباط؛ إذ هو الفعال لما يريد، القادر على ما يشاء. وقد بينا الإحباط المذكور في هذا الحديث.
و(قوله: إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلكهم) قال أبو إسحاق: لا أدري أهلكهم بالنصب أو بالرفع. أبو إسحاق هذا هو إبراهيم بن سفيان، الراوي عن مسلم، شك في ضبط هذا الحرف، وقد قيده الناس بعده بالوجهين، وكلاهما له وجه، فإذا كان بالرفع: فمعناه أن القائل لذلك القول هو أحق الناس بالهلاك، أو أشدهم هلاكا، ومحمله على ما إذا قال ذلك محقرا للناس، وزاريا عليهم، معجبا بنفسه وعمله، ومن كان كذلك فهو الأحق بالهلاك منهم، فأمَّا لو قال ذلك على جهة الشفقة على أهل عصره، وأنهم بالنسبة إلى من تقدمهم من أسلافهم