مصدر: جاهر، الذي اسم الفاعل منه مجاهر، فيتناسب صدر الكلام وعجزه. ورواه أكثر رواة مسلم: وإن من الإجهار فيكون مصدر: أجهر، أي: أعلن. قال الجوهري: إجهار الرجل: إعلانه، وعند الفارسي: وإن من الإهجار، بتقديم الهاء على الجيم، وهو الإفحاش في القول. قاله الجوهري.
قلت: وهذه الروايات، وإن اختلفت ألفاظها، هي راجعة إلى معنى واحد قد فسره في الحديث، وهو أن يعمل الرجل معصية في خفية وخلوة، ثم يخرج يتحدث بها مع الناس، ويجهر بها ويعلنها، وهذا من أكبر الكبائر وأفحش الفواحش. وذلك أن هذا لا يصدر إلا من جاهل بقدر المعصية، أو مستهين مستهزئ بها، مصر عليها، غير تائب منها، مظهر للمنكر. والواحد من هذه الأمور كبيرة، فكيف إذا اجتمعت؟ ! فلذلك كان فاعل هذه الأشياء أشد الناس بلاء في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، لأنَّه تجتمع عليه عقوبة تلك الأمور كلها، وسائر الناس ممن ليس على مثل حاله، وإن كان مرتكب كبيرة فأمره أخف، وعقوبته - إن عوقب - أهون، ورجوعه عنها أقرب من الأول، لأنَّ ذلك المجاهر قلّ أن يتوب، أو يرجع عما اعتاده من المعصية، وسهل عليه منها. فيكون كل العصاة بالنسبة إليه إما معافى مطلقا إن تاب، وإما معافى بالنسبة إليه إن عوقب، والله تعالى أعلم.