للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٥٥٨] وعنه؛ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وجَلِيسِ السَّوءِ كَحَامِلِ المِسكِ، وَنَافِخِ الكِيرِ،

ــ

وليقض، باللام، وجزم الفعل بها، ولا يصح أن تكون لام كي، كذلك، ولا يصح أيضًا أن تكون لام الأمر، لأنَّ الله تعالى لا يؤمر. وكأن هذه الصيغة وقعت موقع الخبر كما قد جاء في بعض نسخ مسلم: ويقضي الله: على الخبر بالفعل المضارع، ومعناه واضح، وهذه الشفاعة المذكورة في الحديث هي في الحوائج والرغبات للسلطان وذوي الأمر والجاه، كما شهد به صدر الحديث ومساقه، ولا يخفى ما فيها من الأجر والثواب، لأنَّها من باب صنائع المعروف وكشف الكرب ومعونة الضعيف؛ إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى السلطان وذوي الأمر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول - مع تواضعه وقربه من الصغير والكبير (١)، إذ كان لا يحتجب ولا يحجب -: أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها (٢) وهذا هو معنى قوله تعالى: {مَن يَشفَع شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَهُ نَصِيبٌ مِنهَا}. قال القاضي: ويدخل في عموم الحديث الشفاعة للمذنبين، فيما لا حد فيه عند السلطان وغيره، وله قبول الشفاعة فيه والعفو عنه إذا رأى ذلك كله، كما له العفو عن ذلك ابتداء. وهذا فيمن كانت منه الزلة والفلتة، وفي أهل الستر والعفاف. وأما المصرون على فسادهم، المستهترون في باطلهم، فلا تجوز الشفاعة لأمثالهم، ولا ترك السلطان عقوبتهم؛ ليزدجروا عن ذلك وليرتدع غيرهم بما يفعل بهم. وقد جاء الوعيد بالشفاعة في الحدود.

و(قوله: إنما مثل جليس الصالح وجليس السوء) كذا وقع في بعض النسخ، وهو من باب إضافة الشيء إلى صفته، ووقع في بعضها: الجليس الصالح والجليس السوء وهو الأفصح والأحسن، ثم قال بعد هذا: كحامل


(١) في (ز): والضعيف.
(٢) رواه الطبراني والبيهقي كما في: كشف الخفاء (١/ ٤٣)، وفيض القدير (١/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>