فكأنه قال: قلوب الطير رطبا العناب، ويابسا الحشف، ومقصود هذا التمثيل الحض على صحبة العلماء والفضلاء وأهل الدين، وهو الذي يزيدك نطقه علما وفعله أدبا ونظره خشية، والزجر عن مخالطة من هو على نقيض ذلك.
و(قوله: فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه) تطابقت الأخبار واستفاضت على أن المسك يجتمع في غدة حيوان، هو الغزال، أو يشبهه، فيتعفن في تلك الغدة، حتى تيبس وتسقط، فتؤخذ تلك الغدة كالجليدات المحشوة، وتلك الجلدة هي المسماة بفأرة المسك، والجمهور من علماء الخلف والسلف على طهارة المسك وفأرته، وعلى ذلك يدل استعمال النبي صلى الله عليه وسلم له وثناؤه عليه، وإجازة بيعه، كما دل عليه هذا الحديث، ومن المعلوم بالعادة المستمرة بين العرب والعجم استعماله واستطابة ريحه، واستحسانه في الجاهلية والإسلام، ولا يستقذره أحد من العقلاء ولا ينهى عن استعماله أحد من العلماء، حتى قال القاضي أبو الفضل: نقل بعض أئمتنا الإجماع على طهارته، غير أنه قد ذكر عن العمرين كراهيته، ولا يصح ذلك، فإن عمر رضي الله عنه قد قسم ما غنم منه بالمدينة، وقال أبو عبد الله المازري: وقال قوم بنجاسته، ولم يعينهم. والصحيح القول