للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، خِيَارُهُم فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُم فِي الإِسلَامِ إِذَا فَقُهُوا، وَالأَروَاحُ جُنُودٌ ... وذكره.

رواه أحمد (٢/ ٢٩٥)، ومسلم (٢٦٣٨) (١٥٩ و ١٦٠)، وأبو داود (٤٨٣٤).

* * *

ــ

كالأرواح المجبولة على الخير والرحمة والشفقة والعدل، فتجد مَن جُبل على الرحمة يميل بطبعه لكل من كان فيه ذلك المعنى، ويألفه، ويسكن إليه، وينفر ممن اتصف بنقيضه، وهكذا في الجفاء والقسوة، ولذلك قد شاع في كلام الناس قولهم (١): المناسبة تؤلف بين الأشخاص، والشكل يألف شكله، والمثل يجذب مثله.

وهذا المعنى هو أحد ما حُمل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف وعلى هذا فيكون معنى تعارف: تناسب. وقيل: إن معنى ذلك هو ما تعرف الله به إليها من صفاته، ودلها عليه من لطفه وأفعاله، فكل روح عرف من الآخر أنه تعرف إلى الله بمثل ما تعرف هو به إليه. وقال الخطابي: هو ما خلقها الله تعالى عليه من السعادة والشقاوة في المبدأ الأول.

قلت: وهذان القولان راجعان إلى القول الأول، فتدبرهما.

ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فتش على الموجب لتلك النفرة، وبحث عنه بنور العلم؛ فإنَّه ينكشف له، فيتعين عليه أن يسعى في إزالة ذلك، أو في تضعيفه بالرياضة السياسية، والمشاهدة (٢) الشرعية حتى يتخلص من ذلك الوصف المذموم، فيميل لأهل


(١) ليست في (ز).
(٢) في (ز): المجاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>