و(قوله: أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل، وفي الرواية الأخرى: أفلا نتكل على كتابنا) حاصل هذا السؤال أنه إذا وجبت السعادة والشقاوة بالقضاء الأزلي، والقدر الإلهي، فلا فائدة للتكليف، ولا حاجة بنا إلى العمل، فنتركه، وهذه أعظم شبه النافين للقدر. وقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يبقى معه إشكال، فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ: {فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالحُسنَى} الآيات، ووجه الانفصال: أن الله تعالى أمرنا بالعمل، فلا بد من امتثال أمره، وغيب عنا المقادير لقيام حجته وزجره. ونصب الأعمال علامة على ما سبق في مشيئته وحكمته، وعزه {لا يُسأَلُ عَمَّا يَفعَلُ} لا يبقى معها لقائل مقول، وقهر {وَهُم يُسأَلُونَ} يخضع له المتكبرون. وقد بينا فيما تقدَّم أن مورد التكليف: فعل الاختيار، وأن ذلك ليس مناقضا لما سبقت به الأقدار.
و(قوله:{فَأَمَّا مَن أَعطَى} أي: الفضل من ماله. ابن عباس: حق الله تعالى. الحسن: الصدق من قلبه. {وَاتَّقَى} أي: ربه. ابن عباس وقتادة: محارمه. مجاهد: البخل. {وَصَدَّقَ بِالحُسنَى} أي: الكلمة الحسنى؛ وهي التوحيد. الضحاك: بموعود الله. قتادة: بالصلاة والزكاة والصوم. زيد بن أسلم