للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقوعه وأنه رأى ربّه بعينيه، وإليه ذهب ابن عبّاس، وقال: اختُصّ موسى بالكلام وإبراهيم بالخلّة ومحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرؤية. وأبو ذرّ وكعب (١) والحسن وأحمد بن حنبل. وحُكي عن ابن مسعود وأبي هريرة في قول لهما آخر، ومثل ذلك حُكي عن أبي الحسن الأشعري وجماعة من أصحابه.

وذهبت طائفة من المشايخ إلى الوقف (٢)، وقالوا: ليس عليه قاطع نفيًا ولا إثباتًا، ولكنه جائز عقلاً، وهذا هو الصحيح؛ إذ رؤية الله تعالى جائزة كما دلّت عليها الأدلة العقلية والنقلية، فأما العقلية، فتعرف في علم الكلام. وأما النقلية فمنها سؤال موسى رؤية ربه، ووجه التمسّك بذلك علم موسى بجواز ذلك، ولو علم استحالة ذلك، لما سأله، ومحال أن يجهل موسى جواز ذلك؛ إذ يلزم منه أن يكون مع علو منصبه في النبوة، وانتهائه إلى أن يصطفيه الله على الناس، وأن يُسمعه كلامه بلا واسطة، جاهلاً بما يجب لله تعالى ويستحيل عليه ويجوز، ومجوز هذا كافر.

ومنها قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَومَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ووجه التمسك بها امتنانه تعالى على عباده بالنظر إلى وجهه تعالى في الدار الآخرة، وإذا جاز أن يروه فيها، جاز أن يروه في الدنيا؛ لتساوي الوقتين بالنظر إلى الأحكام العقلية.

ومنها: ما تواترت جملته في صحيح الأحاديث من أخباره - صلى الله عليه وسلم - لوقوع ذلك؛ كرامةً للمؤمنين في الدار الآخرة، فهذه الأدلة تدلّ على جواز رؤية الله تعالى في الدار الآخرة والدنيا. ثم هل وقعت رؤية الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء أو لم تقع؟ ليس في ذلك دليل قاطع، وغاية المستدل على نفي ذلك أو إثباته التمسّك


(١) من (م).
(٢) في (ع): الوقوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>