للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَائِشَةَ! ثَلاثٌ مَن تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنهُنَّ فَقَد أَعظَمَ عَلَى اللهِ الفِريَةَ. قُلتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَت: مَن زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَد أَعظَمَ عَلَى اللهِ الفِريَةَ. قَالَ: وَكُنتُ مُتَّكِئًا فَجَلَستُ، فَقُلتُ: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ! أَنظِرِينِي وَلا تَعجَلِيني. أَلَم يَقُلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَد رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ، وَلَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخرَى. فَقَالَت: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ عَن ذَلِكَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إِنَّمَا هو جِبرِيلُ، لَم أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيهَا غَيرَ هَاتَينِ المَرَّتَينِ، رَأَيتُهُ مُنهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ، سَادًّا عِظَمُ خَلقِهِ مَا

ــ

بظواهر متعارضة معرضة للتأويل، والمسألة ليست من باب العمليات، فيكتفى فيها بالظنون، وإنما هي من باب المعتقدات، ولا مدخل للظنون فيها؛ إذ الظنّ من باب الشك؛ لأن حقيقته تغليب أحد المُجَوَّزَين، وذلك يناقض العلم والاعتقاد.

واختلفوا أيضا هل كلّم محمد - صلى الله عليه وسلم - ربّه ليلة الإسراء بغير واسطة أم لا؟ فذهب ابن مسعود وابن عبّاس وجعفر بن محمد وأبو الحسن الأشعري في طائفة من المتكلمين إلى أنه كلّم الله بغير واسطة (١)، وذهبت جماعة إلى نفي ذلك. والكلام على هذه المسألة كالكلام على مسألة الرؤية سواء.

و(قول عائشة: فقد أعظم الفِرية على الله تعالى) الفرية هي الافتراء، وهو اختلاق الكذب وما يقبُح التحدّث به.

و(قوله تعالى: بِالأُفُقِ المُبِينِ) الأفق: الجانبُ والناحية، وجمعه آفاقٌ، ويقال: أفق بضم الفاء وسكونها. والمبين: البيّن الواضح. والضمير في وَلَقَد رَآهُ عائد إلى رسولٍ، وهو جبريل. وكذلك في قوله: وَلَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخرَى وقد روت ذلك عائشة مرفوعًا مفسّرا على ما يأتي،


(١) ساقط من (ل).

<<  <  ج: ص:  >  >>