للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّف قُلُوبَنَا إلَى طَاعَتِكَ.

رواه أحمد (٢/ ١٦٨)، ومسلم (٢٦٥٤).

[٢٥٨٤] وعَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رَأَيتُ شَيئًا أَشبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ

ــ

قلت: وهذا لا يتم حتى يقال: إن بني آدم - هنا - يراد بهم الصالحون الذين تولى الله حفظ قلوبهم. وأما الكفار والفساق، فقد أوصل الله تعالى إلى قلوبهم ما شاءه وبهم من الطبع والختم والرين، وغير ذلك. وحينئذ يخرج الحديث عن مقصوده، فالتأويل الأول أولى، وقد قلنا: إن التسليم الطريق السليم.

و(قوله: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك) هذا الكلام يعضد ذلك التأويل الأول، وقد وقع هذا الحديث في غير كتاب مسلم فقال: يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك. وهما بمعنى واحد؛ وحاصله: أن أحوال القلوب منتقلة غير ثابتة ولا دائمة. فحق العاقل أن يحذر على قلبه من قلبه، ويفزع إلى ربه في حفظه.

و(قوله: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة) هذا من ابن عباس تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثمِ وَالفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ} وهي ما دون الكبائر. والفواحش: هي الصغائر. وقال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: هي ما ألمّوا به في الجاهلية. وقيل: هي مقاربة المعصية من غير إلمام. وقيل: الذنب الذي يقلع عنه ولا يصر عليه، وقيل غير هذا. وأشبه هذه الأقوال القول الأول. وعليه يدلّ قوله صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (١)، والفواحش: جمع فاحشة، وهي ما يُستفحش من الكبائر كالزنا بذوات المحارم، واللواط، ونحو ذلك.


(١) رواه أحمد (٢/ ٤٨٤)، ومسلم (٢٣٣)، والترمذي (٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>