للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خاتما من حديد (١) وهو حض وترغيب في الرحلة في طلب العلم والاجتهاد في تحصيله، وقد ذكر أبو داود هذا الحديث من حديث أبي الدرداء، وزاد زيادات حسنة، فقال: عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر (٢) وهذا حديث عظيم يدل على أن طلب العلم أفضل الأعمال، وأنه لا يبلغ أحد رتبة العلماء، وأن رتبتهم ثانية عن رتبة الأنبياء.

و(قوله: إن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم) قيل: معناه تخضع له وتعظمه، وقيل: تبسطها له بالدعاء، لأنَّ جناح الطائر يده.

و(قوله: وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض)، يعني بـ من هنا: من يعقل، وما لا يعقل، غير أنه غلب عليه من يعقل، بدليل أن هذا الكلام قد جاء في غير كتاب أبي داود، فقال: حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في جوف الماء (٣)، وعلى هذا المعنى يدلّ - من حديث أبي داود هذا - عطف الحيتان بالواو على (من في السماوات، ومن في الأرض) فإنَّه يفيد أن من يعقل وما لا يعقل، يستغفر للعالم؛ فأمَّا استغفار من يعقل فواضح؛ فإنَّه دعاء له


(١) رواه أحمد (٥/ ٣٣٦)، والبخاري (٥١٤٩)، ومسلم (١٤٢٥)، والترمذي (١١١٤)، والنسائي (٦/ ١٢٣)، وابن ماجه (١٨٨٩).
(٢) رواه أبو داود (٣٦٤١)، والترمذي (٢٦٨٢)، وابن ماجه (٢٢٣).
(٣) رواه الترمذي (٢٦٨٥) عن أبي أمامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>