للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِن ذَكَرَنِي فِي نَفسِهِ ذَكَرتُهُ فِي نَفسِي، وَإِن ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرتُهُ فِي مَلَأٍ خَير مِنهُم،

ــ

ومحيط بكم، وقد ينجر مع ذلك الحفظ والنصر. كما قيل في قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسمَعُ وَأَرَى} أي: أحفظكما ممن يريد كيدكما.

وإذا تقرر هذا فيمكن أن يكون معنى: وأنا معه إذا ذكرني أن من ذكر الله في نفسه مفرغة مما سواه، رفع الله عن قلبه الغفلات والموانع، وصار كأنه يرى الله ويشاهده - وهي الحالة العليا التي هي: أن تذكر الله كأنك تراه، فإن لم تصل إلى هذه الحالة، فلا أقل من أن يذكره، وهو عالم بأن الله يسمعه ويراه. ومن كان هكذا كان الله له أنيسا إذا ناجاه، ومجيبا إذا دعاه، وحافظا له من كل ما يتوقعه ويخشاه، ورفيقا به يوم يتوفاه، ومحلا له من الفردوس أعلاه.

و(قوله: فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) النفس: اسم مشترك يطلق على نفس الحيوان، وهي المتوفاة بالموت والنوم، ويطلق ويراد به: الدم، والله تعالى منزه عن ذينك المعنيين، ويطلق ويراد به ذات الشيء وحقيقته، كما يقال: رأيت زيدا نفسه عينه، أي: ذاته. وقد يطلق ويراد به الغيب، كما قد قيل في قوله تعالى: {تَعلَمُ مَا فِي نَفسِي وَلا أَعلَمُ مَا فِي نَفسِكَ} أي: ما في غيبك.

والأليق بهذا الحديث: أن يكون معناه: أن من ذكر الله تعالى خاليا منفردا بحيث لا يطلع أحد من الخليقة على ذكره، جازاه الله على ذلك بأن يذكره بما أعد له من كرامته التي أخفاها عن خليقته. حتى لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون. وقد قلنا: إن التسليم هو الطريق المستقيم.

و(قوله: وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه) يعني: أن من يذكره في ملأ من الناس ذكره الله في ملأ من الملائكة، أي: أثنى عليه، ونوه باسمه في الملائكة، وأمر جبريل أن ينادي بذكره في ملائكة السماوات كما تقدَّم، وهو ظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>