للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و(قوله: يحب الوتر) ظاهره: أن الوتر هنا للجنس، لا معهود جرى ذكره يحمل عليه، فيكون معناه على هذا: أنه يحب كل وتر شرعه، وأمر به، كالمغرب، فإنها وتر صلاة النهار، ووتر صلاة الليل، وكالصلوات الخمس، فإنَّها وتر، وكالوتر في مرار الطهارة، وغسل الميت، ونحو هذا مما شرع فيه الوتر، ومعنى محبته لهذا النوع: أنه أمر به، وأثاب عليه. ويصلح ذلك للعموم لما خلقه وترا من مخلوقاته، كالسماوات السبع والأرضين السبع، والذراري السبع، وكآدم الذي خلقه من تراب، وعيسى الذي خلقه من غير أب، وهكذا كل ما خلقه الله وترا من مخلوقاته، ومعنى محبته لهذا النوع أنه خصصها بذلك لِحَكَم علمها، وأمور قدرها. ويحتمل أن يريد بذلك الوتر واحدا بعينه، فقيل: هو صلاة الوتر، وقيل: يوم الجمعة، وقيل: يوم عرفة، وقيل: آدم، وقيل غير ذلك. وقيل: يحتمل أن يكون معناه منصرفا إلى صفة من يعبد الله بالوحدانية والتفرد على سبيل الإخلاص والاختصاص.

قلت: وهذه الأقوال كلها متكافئة، وأشبه ما تقدَّم: حمله على العموم، وقد ظهر لي وجه، وأرجو أن يكون أولى بالمقصود، وهو أن الوتر يراد به التوحيد، فيكون معناه: إن الله تعالى في ذاته وكماله وأفعاله واحد، ويحب التوحيد، أي: يوحّد ويعتقد انفراده دون خلقه، فيلتئم أول الحديث وآخره، وظاهره وباطنه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>