للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ لا يَنَامُ، وَلا يَنبَغِي لَهُ أَن يَنَامَ، يَخفِضُ القِسطَ

ــ

و(قوله: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام) النوم عليه محال؛ لأن النوم موت، كما قال - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن نوم أهل الجنة، فقال: النوم أخو الموت (١)، والجنة لا موت فيها، وأيضًا فإن النوم راحة من تعب التصرف، وذلك من تعب الأجسام.

و(قوله: يخفض القسط ويرفعه) قال ابن قتيبة: القِسط: الميزان، وسمي بذلك؛ لأن القسط هو العدل، وذلك إنما يحصل ويُعرف بالميزان في حقوقنا، وأراد به هاهنا ما يوزن به أعمال العباد المرتفعة إليه، وأرزاقهم الواصلة إليهم، كما قال الله تعالى: وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعلُومٍ.

والقسطاس - بضم القاف وكسرها -: هو أقوام الموازين، وقيل: أراد بالقسط هنا الوزن الذي هو قسط كل مخلوق، يخفضه فيقتره، ويرفعه فيوسّعه. وقيل: إن القسط هو العدل نفسُهُ، ويراد به الشرائع والأحكام، كما قال الله تعالى: لَقَد أَرسَلنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنزَلنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسطِ؛ أي: النصفة في الأحكام والعدل المأمور به في قوله: إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ فتارة يرفعه بمعنى: يعليه ويظهره بوجود الأنبياء وأصحابهم وأتباعهم العاملين به، وتارة يخفضه بمعنى أنّه يذهبه ويخفيه بدروس الشرائع، ورجوع أكثر الناس عن المشي على منهاجها. ويحتمل أن يكون رفعها: قبضها، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الأمانة: إنها ترفع من القلوب (٢)، وكما قال: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة (٣)، بل كما قال:


(١) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٤١٥) رواه الطبراني في الأوسط والبزار (٣٥١٧) -ورجال البزار رجال الصحيح- من حديث جابر رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٦٤٩٧)، ومسلم (١٤٣)، والترمذي (٢١٨٠)، وابن ماجه (٤٠٥٣) من حديث حذيفة رضي الله عنه.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٩٤٣١) موقوفًا من حديث ابن مسعود رضي الله=

<<  <  ج: ص:  >  >>