للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٤٢] وَعَن أَبِي مُوسَى؛ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: بِخَمسِ

ــ

فأما العقل فلو كان عرضًا أو جسمًا، لجاز عليه ما يجوز عليهما، ويلزم تغيّره وحدثُه. وأما النقل فقوله تعالى: لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ولو كان جسمًا أو عرضًا لكان كل شيء منهما مماثلاً له.

وقول هذا (١) القائل: جسم لا كالأجسام، أو نور لا كالأنوار متناقض، فإن قوله: جسم أو نور، حاكم عليه بحقيقة ذلك، وقوله: لا كالأجسام يعني لما أثبته من الجسمية والنورية، وذلك متناقض، فإن أراد أنه يساوي الأجسام من حيث الجسمية ومفارق لها من حيث وصفٌ آخر ينفرد به، لزمت تلك المحالات من حيث الجسمية، ولم يتخلص منها بذكر ذلك الوصف الخاص؛ إذ الأعمّ من الأوصاف تلزمه أحكام من حيث هو لا تلزم الأخصّ كالحيوانية والنطقية، وتتميم هذا في علم الكلام.

و(قول ابن عباس: أنه - عليه الصلاة والسلام - رآه بفؤاده مرتين) الفؤاد: القلب. ولا يريد بالرؤية هنا: العلم، فإنه - عليه الصلاة والسلام - (٢) كان عالِمًا بالله على الدوام، وإنما أراد أن الرؤية التي تخلق في العين خلقت للنبي - صلى الله عليه وسلم - في القلب. وهذا على ما يقوله أئمتنا: إن الرؤية لا يُشترط لها محل مخصوص عقلا، بل يجوز أن يخلق في أي محل كان، وإنما العادة جارية بخلقها في العين. وقول ابن عباس هذا خلاف ما حكيناه عنه من أنه رآه بعينه.

ولا يبعد الجمع بينهما في مذهبه، فيقول: إنه رآه بقلبه وعينه. فأما اسم الله تعالى: النور، فمعناه أنه هادٍ من ظلمات الجهالات، كما أن النور المحسوس هادٍ في محسوس الظلمات. وقيل: معناه أنه منوّر السماوات والأرض وخالق الأنوار فيهما.


(١) من (ل).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>