وأن ذلك ممكن، وكانوا يتخوفون من وقوع الممكن المتوقع، ويقدرونه واقعا فيتعوذون منه، وعلى هذا فيكون قوله: وكل ذلك عندي أي: ممكن الوقوع عندي، ودليل صحة ذلك أنهم مكلفون باجتناب المعاصي كلها كما كلفه غيرهم، فلولا صحة إمكان الوقوع لما صح التكليف.
والثانية: أن هذه التعويذات، وهذه الدعوات والتضرعات قيام بحق وظيفة العبودية، واعتراف بحق الربوبية، ليقتدي بهم مذنبو أممهم، ويسلكوا مناهج سبلهم، فتستجاب دعوتهم، وتقبل توبتهم، والله تعالى أعلم. وقد أطنب الناس في ذلك، وما ذكرناه خلاصته.
و(قوله: أنت المقدم وأنت المؤخر) أي: المقدم لمن شئت بالتوبة والولاية والطاعة. والمؤخر لمن شئت بضد ذلك. والأولى: أنه تعالى مقدم كل مقدم في الدنيا والآخرة، ومؤخر كل مؤخر في الدنيا والآخرة، وهذان الاسمان من أسماء الله تعالى المزدوجة، كالأول والآخر، والمبدئ والمعيد، والقابض والباسط، والخافض والرافع، والضار والنافع، فهذه الأسماء لا تقال إلا مزدوجة، كما جاءت في الكتاب والسنة. هكذا قال بعض العلماء، ولم يُجز أن يقال: يا خافض، حتى يضم إليه: يا رافع.
و(قوله: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري) أي: رباطه