للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُردَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطفَيهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ: بِئسَ مَا قُلتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمنَا عَلَيهِ إِلَّا خَيرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَبَينَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ رَأَى رَجُلًا مُبَيِّضًا، يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: كُن أَبَا خَيثَمَةَ، فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيثَمَةَ الأَنصَارِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمرِ حِينَ لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ.

فَقَالَ كَعبُ بنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَد تَوَجَّهَ قَافِلًا مِن

ــ

و(قوله: حبسه برداه والنظر في عطفيه) البردان: يعني به: الرداء والإزار، والرداء والقميص، وسماهما بردين؛ لأنَّ القميص والإزار قد يكونان من برود، والبرود: ثياب من اليمن فيها خطوط. ويحتمل أن تسميتها بردين على طريقة: العمرين، والبكرين، والقمرين. والعِطف: الجانب. وكأن هذا القائل كان في نفسه حقد، ولعله كان منافقا، فنسب كعبا إلى الزهو والكبر، وكانت نسبة باطلة بدليل شهادة العدل الفاضل معاذ بن جبل، إذ قال: بئس ما قلت، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرا. فيه جواز الذم والتقبيح للمتكلم في حق المسلم بالعيب والقبيح، ونصرة المسلم في حال غيبته، والرد عن عرضه.

و(قوله: إذ رأى رجلا مبيضا يزول به السراب)، هو بكسر الياء: اسم فاعل، من: بيض فهو مبيض؛ أي: أظهر بياض نفسه في السراب. ويزول: يتحرك ويضطرب. والسراب: ما يرى نصف النهار كأنه ماء.

و(قوله: كن أبا خيثمة) هذه صيغة أمر، ومعناها الخبر، أي: هو أبو خيثمة، وقيل معناها: لتوجد أبا خيثمة، واسمه عبد الله، وقيل: مالك بن قيس. ولمزه المنافقون: عابوه، واللمز: الطعن والعيب. وقافلا: راجعا. والبث: أشد الحزن. وطفقت: أخذت، وهي من أفعال المقاربة على ما تقدم. وأظل قادما: أقبل، وهو رباعي. وزاح: ذهب وزال. وأجمعت صدقه: عزمت عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>