للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُم حَتَّى يَقضِيَ اللَّهُ فِيكَ.

فَقُمتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لِي: وَاللَّهِ مَا عَلِمنَاكَ أَذنَبتَ ذَنبًا قَبلَ هَذَا، لَقَد عَجَزتَ فِي أَلَّا تَكُونَ اعتَذَرتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِمَا اعتَذَرَ بِهِ المُخَلَّفُونَ، فَقَد كَانَ كَافِيَكَ ذَنبَكَ استِغفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَكَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى أَرَدتُ أَن أَرجِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأُكَذِّبَ نَفسِي، قَالَ: ثُمَّ قُلتُ لَهُم: هَل لَقِيَ هَذَا مَعِي مِن أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَعَم، لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلَانِ قَالَا مِثلَ مَا قُلتَ فَقِيلَ لَهُمَا مِثلَ مَا قِيلَ لَكَ، قَالَ: قُلتُ: مَن هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بنُ رَبِيعَةَ العَامِرِيُّ، وَهِلَالُ بنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، قَالَ: فَذَكَرُوا لِي رَجُلَينِ صَالِحَينِ قَد شَهِدَا بَدرًا فِيهِمَا أُسوَةٌ.

قَالَ: فَمَضَيتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي، قَالَ: وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ المُسلِمِينَ عَن كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِن بَينِ مَن تَخَلَّفَ عَنهُ، قَالَ: فَاجتَنَبَنَا النَّاسُ، وَقَالَ: تَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَت لِي فِي نَفسِيَ الأَرضُ، فَمَا هِيَ بِالأَرضِ الَّتِي أَعرِفُ، فَلَبِثنَا عَلَى ذَلِكَ خَمسِينَ لَيلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاستَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنتُ أَشَبَّ القَومِ وَأَجلَدَهُم، فَكُنتُ أَخرُجُ فَأَشهَدُ الصَّلَاةَ وَأَطُوفُ فِي الأَسوَاقِ، وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ.

وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيهِ وَهُوَ فِي مَجلِسِهِ بَعدَ الصَّلَاةِ، فَأَقُولُ فِي

ــ

و(قوله: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا - أيها الثلاثة -) هو دليل على وجوب هجران من ظهرت معصيته، فلا يسلم عليه إلا أن يقلع وتظهر توبته. والثلاثة مرفوع على الصفة لـ (أي)، ويجوز نصبه على الاختصاص، وحكى سيبويه: اللهم اغفر لنا أيتها العصابةَ. وتنكرت: تغيرت. واستكانا: سكنا، أي: خضعا وذلا، وأشب القوم: أصغرهم. وأجلدهم: أقواهم. وأسارقه النظر: أي أنظر إليه بطرف خفي. وتسورت الجدار؛ أي: علوت سوره. وأنشدك الله؛ أي: أسالك بالله، ومنه النشيد، وهو: رفع الصوت بالشعر وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>