للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَفسِي: هَل حَرَّكَ شَفَتَيهِ بِرَدِّ السَّلَامِ أَم لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنهُ وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقبَلتُ عَلَى صَلَاتِي نَظَرَ إِلَيَّ، وَإِذَا التَفَتُّ نَحوَهُ أَعرَضَ عَنِّي حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ مِن جَفوَةِ المُسلِمِينَ مَشَيتُ حَتَّى تَسَوَّرتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ - وَهُوَ ابنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ - فَسَلَّمتُ عَلَيهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلتُ لَهُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنشُدُكَ بِاللَّهِ، هَل تَعلَمَنَّ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ، فَعُدتُ فَنَاشَدتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدتُ فَنَاشَدتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ، فَفَاضَت عَينَايَ، وَتَوَلَّيتُ حَتَّى تَسَوَّرتُ الجِدَارَ، فَبَينَا أَنَا أَمشِي فِي سُوقِ المَدِينَةِ إِذَا نَبَطِيٌّ مِن نَبَطِ أَهلِ الشَّامِ، مِمَّن قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالمَدِينَةِ يَقُولُ: مَن يَدُلُّ عَلَى كَعبِ بنِ مَالِكٍ؟ قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ حَتَّى جَاءَنِي، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِن مَلِكِ غَسَّانَ - وَكُنتُ كَاتِبًا - فَقَرَأتُهُ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعدُ، فَإِنَّهُ قَد بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَد جَفَاكَ، وَلَم يَجعَلكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضيَعَةٍ، فَالحَق بِنَا نُوَاسِكَ. قَالَ: فَقُلتُ حِينَ قَرَأتُهَا: وَهَذِهِ أَيضَا مِن البَلَاءِ، فَتَأممتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرتُهَا بِهَا.

حَتَّى إِذَا

ــ

و(قول أبي قتادة: الله ورسوله أعلم) ظاهره: أنه أجابه عند إلحاحه عليه بالسؤال، فيكون قد كلمه، فيكون مخالفا للنهي. وقد تؤول بأن أبا قتادة قال ذلك لنفسه مخبرا عن اعتقاده، ولم يقصد كلامه ولا إسماعه.

قلت: ويحتمل أن يقال: إن أبا قتادة فهم أن الكلام الذي نهي عنه إنما هو الحديث معه والمباسطة، وإفادة المعاني، فأمَّا مثل هذا الكلام الذي يقتضي الإبعاد والمنافرة، فلا، والله أعلم. ألا ترى أنه لم يرد عليه السلام، ولا التفت لحديثه؟ .

والنبطي: واحد النبط، وهم العامرون لتلك الأراضي، وسموا بذلك لأنهم ينبطون المياه؛ أي: يستخرجونها. وتأممت بها التنور فسجرتها؛ أي: قصدت بالصحيفة التنور فرميتها فيه، وأحرقتها، ويقال: تيمم، بالياء وبالهمزة. والمضيعة: بفتح

<<  <  ج: ص:  >  >>