للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَخَرَرتُ سَاجِدًا، وَعَرَفتُ أَن قَد جَاءَ فَرَجٌ.

قَالَ: فَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِتَوبَةِ اللَّهِ عَلَينَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الفَجرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِن أَسلَمَ قِبَلِي وَأَوفَى الجَبَلَ، فَكَانَ الصَّوتُ أَسرَعَ مِن الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعتُ صَوتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعتُ ثَوبَيَّ، فَكَسَوتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ، وَاللَّهِ مَا أَملِكُ غَيرَهُمَا يَومَئِذٍ، وَاستَعَرتُ ثَوبَينِ فَلَبِستُهُمَا، وَانطَلَقتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوجًا فَوجًا، يُهَنِّئُونِي بِالتَّوبَةِ وَيَقُولُونَ: لِتَهنِئكَ تَوبَةُ اللَّهِ عَلَيكَ، حَتَّى دَخَلتُ المَسجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي المَسجِدِ وَحَولَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللَّهِ يُهَروِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ رَجُلٌ

ــ

والرحب - بضم الراء -: السعة. وأوفى: أطل وأشرف. وسلع: - بفتح السين وسكون اللام -: جبل بالمدينة معروف.

و(قوله: فخررت ساجدا) هذه سجدة الشكر، وظاهر هذا أنها كانت معلومة عندهم، معمولا بها فيما بينهم، وقال بها الشافعي ومالك في أحد قوليه، ومشهور مذهبه الكراهة. وركض الفرس: إجراؤه الجري الشديد. وكسوته للبشير ثوبيه مع كونه ليس له غيرهما، دليل على جواز مثل ذلك إذا ارتجى حصول ما يستبشر به، وهو دليل على جواز إظهار الفرح بأمور الخير والدين، وجواز البذل والهبات عندها، وقد نحر عمر لما حفظ سورة البقرة جزورا.

و(قوله: فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة) أي: زمرة زمرة، وجماعة بعد جماعة. وفيه دليل على جواز التهنئة بأمور الخير، بل على ندبيتها إذا كانت دينية؛ فإنه إظهار السرور بما يسر به أخوه المسلم، وإظهار المحبة، وتصفية القلب بالمودة.

و(قوله: فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني) دليل لمن

<<  <  ج: ص:  >  >>