للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن المُهَاجِرِينَ غَيرُهُ، قَالَ: فَكَانَ كَعبٌ لَا يَنسَاهَا لِطَلحَةَ. قَالَ كَعبٌ: فَلَمَّا سَلَّمتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَهُوَ يَبرُقُ وَجهُهُ مِن السُّرُورِ، وَيَقُولُ: أَبشِر بِخَيرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيكَ مُنذُ وَلَدَتكَ أُمُّكَ، قَالَ: فَقُلتُ: أَمِن عِندِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَم مِن عِندِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا، بَل مِن عِندِ اللَّهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ استَنَارَ وَجهُهُ كَأَنَّ وَجهَهُ قِطعَةُ قَمَرٍ، قَالَ: وَكُنَّا نَعرِفُ ذَلِكَ.

قَالَ: فَلَمَّا جَلَستُ بَينَ يَدَيهِ قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِن تَوبَتِي أَن أَنخَلِعَ مِن مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَمسِك بَعضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيرٌ لَكَ، قَالَ: فَقُلتُ: فَإِنِّي أُمسِكُ سَهمِيَ الَّذِي بِخَيبَرَ، قَالَ: وَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدقِ، وَإِنَّ مِن

ــ

قال بجواز القيام للداخل والمصافحة. وقد بينا الخلاف في ذلك في الجهاد.

و(قوله: وكان كعب لا ينساها لطلحة) أي: تلك القومة والبشاشة التي صدرت له منه. ومعناه: أن تلك الفعلة أكدت في قلبه محبته، وألزمته حرمته حتى عدها من الأيدي الجسيمة، والمنن العظيمة.

و(قوله: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله) أي: إن من علامات صدق توبتي، أو من شكر توبتي أن أتصدق بمالي، أي إن علي ذلك، فهي صيغة نذر والتزام، خرج مخرج الشكر وابتغاء الثواب. أقر عليه النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك جائزا، ولم يدخل في عموم النذر المنهي عنه بقوله: لا تنذروا (١) وقد بينا ذلك فيما تقدَّم. وعلى مقتضى هذا اللفظ فقد وجب عليه إخراج كل ماله، لكن لما كان ذلك يؤدي إلى أن يبقى فقيرا محتاجا، وربما يفضي


(١) رواه أحمد (٢/ ٤١٢)، والبخاري (٦٦٩٤)، ومسلم (١٦٤٠) (٥ و ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>