للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأذنه ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله لو كان حيا كان عيبا فيه؛ لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟ قال: فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم.

رواه أحمد (٣/ ٣٦٥)، ومسلم (٢٩٥٧) (٢).

ــ

و(قوله: والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم) الدنيا: وزنها فعلى، وألفها للتأنيث، وهي من الدنو بمعنى القرب، وهي صفة لموصوف محذوف، كما قال تعالى: {وَمَا الحَيَاةُ الدُّنيَا إِلا مَتَاعُ الغُرُورِ} غير أنه قد كثر استعمالها استعمال الأسماء، فاستغني عن موصوفها، كما جاء في هذا الحديث. والمراد: الدار الدنيا، أو الحياة الدنيا التي تقابلها الدار الأخرى، أو الحياة الأخرى، ومعنى هوان الدنيا على الله: أن الله تعالى لم يجعلها مقصودة لنفسها؛ بل: جعلها طريقا موصلة إلى ما هو المقصود لنفسه، وأنه لم يجعلها دار إقامة ولا جزاء، وإنَّما جعلها دار رحلة وبلاء، وأنه ملكها في الغالب الكفرة والجهال، وحماها الأنبياء والأولياء والأبدال. وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى فقال: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء (١)، وحسبك بها هوانا أن الله قد صغرها وحقرها، وذمها، وأبغضها وأبغض أهلها ومحبيها، ولم يرض لعاقل فيها إلا بالتزود منها، والتأهب للارتحال عنها، ويكفيك من ذلك ما رواه أبو عيسى الترمذي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، أو عالم أو متعلم (٢).


= ومن التنافس. وباب: لا تنظر إلى من فضَّل الله عليك في الدنيا، وانظر إلى من فُضِّلْتَ عليه. وباب: في الابتلاء بالدنيا وكيف يعمل فيها، وباب: الخمول في الدنيا والتقلُّل منها.
(١) رواه ابن ماجه (٤١١٠).
(٢) رواه الترمذي (٢٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>