[٢٦٨٨] وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
رواه أحمد (٢/ ٣٢٣)، ومسلم (٢٩٥٦)، والترمذيُّ (٢٣٢٤)، وابن ماجه (٤١١٣).
* * *
ــ
رواه من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن غريب. ولا يفهم من هذا الحديث إباحة لعن الدنيا وسبها مطلقا؛ لما رويناه من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الدنيا، فنعمت مطية المؤمن، عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر، إنه إذا قال العبد: لعن الله الدنيا، قالت الدنيا: لعن الله أعصانا لربه (١). خرجه الشريف أبو القاسم زيد بن عبد الله بن مسعود الهاشمي.
وهذا يقتضي المنع من سب الدنيا ولعنها، ووجه الجمع بينهما: أن المباح لعنه من الدنيا ما كان منها مبعدا عن الله، وشاغلا عنه، كما قال بعض السلف: كل ما شغلك عن الله تعالى من مال وولد فهو عليك مشؤوم، وهو الذي نبه الله على ذمه بقوله تعالى:{أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنيَا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَينَكُم وَتَكَاثُرٌ فِي الأَموَالِ وَالأَولادِ} وأما ما كان من الدنيا يقرب إلى الله تعالى، ويعين على عبادة الله تعالى، فهو المحمود بكل لسان، والمحبوب لكل إنسان، فمثل هذا لا يسب، بل يرغب فيه، ويحب، وإليه الإشارة بالاستثناء حيث قال: إلا ذكر الله، وما والاه، أو عالم أو متعلم وهو المصرح به في قوله: فإنَّها نعمت مطية المؤمن، عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر وبهذا يرتفع التعارض بين الحديثين. والله أعلم.
و(قوله: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) إنما كانت الدنيا كذلك، لأن