للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّ الدُّنيَا قَد آذَنَت بِصَرمٍ وَوَلَّت حَذَّاءَ، وَلَم يَبقَ مِنهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُم مُنتَقِلُونَ مِنهَا إِلَى دَارٍ لَا زَوَالَ لَهَا، فَانتَقِلُوا بِخَيرِ مَا بِحَضرَتِكُم، فَإِنَّهُ قَد ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الحَجَرَ يُلقَى مِن شَفير جَهَنَّمَ، فَيَهوِي فِيهَا

ــ

قال. وهاجر وشهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدرا والمشاهد كلها، أمره عمر - رضي الله عنه - على جيش، فتوجه إلى العراق، ففتح الأبلة والبصرة ووليها، وبنى مسجدها الأعظم بالقصب، ثم إنه حج فاستعفى عمر عن ولاية البصرة، فلم يعفه فقال: اللهم لا تردني إليها، فسقط عن راحلته، فمات سنة سبع عشرة، وهو منصرف من مكة إلى البصرة، بموضع يقال له: معذر، ببني سليم، قاله ابن سعد. ويقال: مات بالربذة، قاله المدائني.

و(قوله: إن الدنيا قد آذنت بصرم) أي: أشعرت وأعلمت بزوال وانقطاع.

و(قوله: وولت حذاء) أي: سريعة خفيفة، ومنه قيل للقطاة: حذاء، أي: منقطعة الذنب قصيرته، ويقال: حمار أحذ: إذا كان قصير الذنب، حكاه أبو عبيد، وهذا مثل كأنه قال: إن الدنيا قد انقطعت مسرعة.

و(قوله: ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها) الصبابة، بضم الصاد: البقية اليسيرة، والصبابة، بالفتح: رقة الشوق، ولطيف المحبة، ويتصابها: يروم صبها على قلة الماء وضعفه.

و(قوله: فانتقلوا بخير ما بحضرتكم) أي: ارتحلوا إلى الآخرة بخير ما يحضركم من أعمال البر. جعل الخير المتمكن منه كالحاضر.

و(قوله: فإنَّه قد ذكر لنا أن الحجر ليلقى (١) من شفير جهنم. . . الحديث إلى آخره) يعني: أنه ذكر له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأنَّ مثل هذا لا يعرف إلا من جهة النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه لم يسمعه هو من النبي صلى الله عليه وسلم، سمعه من غيره، فسكت عنه إما


(١) في صحيح مسلم والتلخيص: يُلقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>