للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَبعِينَ عَامًا لَا يُدرِكُ لَهَا قَعرًا، وَوَاللَّهِ لَتُملَأَنَّ، أَفَعَجِبتُم؟ وَلَقَد ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَينَ المِصرَاعَينِ مِن مَصَارِيعِ الجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَربَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأتِيَنَّ عَلَيهَا يَومٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِن الزِّحَامِ، وَلَقَد رَأَيتُنِي سَابِعَ سَبعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى قَرِحَت أَشدَاقُنَا، فَالتَقَطتُ بُردَةً فَشَقَقتُهَا بَينِي وَبَينَ سَعدِ بنِ مَالِكٍ، فَاتَّزَرتُ بِنِصفِهَا، وَاتَّزَرَ سَعدٌ بِنِصفِهَا، فَمَا أَصبَحَ اليَومَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا أَصبَحَ أَمِيرًا عَلَى مِصرٍ مِن الأَمصَارِ، وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَن أَكُونَ فِي نَفسِي عَظِيمًا، وَعِندَ اللَّهِ صَغِيرًا، وَإِنَّهَا لَم تَكُن نُبُوَّةٌ قَطُّ إِلَّا تَنَاسَخَت حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَاقِبَتِهَا مُلكًا، فَسَتَخبُرُونَ وَتُجَرِّبُونَ الأُمَرَاءَ بَعدَنَا.

رواه أحمد (٤/ ١٧٤)، ومسلم (٢٩٦٧) (١٤).

* * *

ــ

نسيانا، وإما لأمر يسوغ له ذلك. ويحتمل أن يكون سمعه هو من النبي صلى الله عليه وسلم، وسكت عن رفعه للعلم بذلك. وشفير جهنم: حرفها الأعلى. وحرف كل شيء أعلاه وشفيره. ومنه: شفير العين. ومصراع الباب: ما بين عضادتيه، وجمعه مصاريع، وهو ما يسده الغلق.

و(قوله: وهو كظيظ من الزحام) أي: ممتلئ منه. يقال: كظه الشراب كظيظا. وقرحت أشداقنا، أي: تقرحت، أي: انجرحت من خشونة الورق. والبردة: الشملة، والعرب تسمي الكساء الذي يُلتحف به بردة، والبرد - بغير تاء -: نوع من نوع ثياب اليمن الموشية.

و(قوله: وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت، حتى يكون آخرها (١) ملكا) يعني: أن زمان النبوة يكون الناس فيه يعملون بالشرع، ويقومون بالحق، ويزهدون في الدنيا، ويرغبون في الآخرة، ثم إنه بعد انقراضهم وانقراض خلفائهم يتغير الحال، وينعكس الأمر، ثم لا يزال الأمر في تناقص وإدبار إلى ألا يبقى على


(١) في التلخيص ومسلم: عاقبتُها.

<<  <  ج: ص:  >  >>