و(قوله: أنت من الملوك) لما أخبره أن له خادما على جهة الإغياء والمبالغة، لا أنه ألحقه بالملوك حقيقة، ولا بالأغنياء، ولا سلبه ذلك اسم الفقراء، إذ لم يكن له غير ما ذكر، والله تعالى أعلم.
و(قوله: جاء ثلاثة نفر إلى عبد الله بن عمرو) هذه قضية أخرى غير القضية المتقدمة، وإن اتفق راوياهما، فإنَّهما من رواية أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ لأنَّ هؤلاء ثلاثة وذلك واحد، ولأن مقصوده من هذا الحديث غير مقصوده من الأول، وذلك أن هؤلاء الثلاثة شكوا إليه شدة فاقتهم، وأنهم لا شيء لهم، فخيرهم بين الصبر على ما هم فيه حتى يلقوا الله، فيحصلون على ما وعدهم الله به على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من السبق إلى الجنة قبل الناس كلهم، وبين أن يرفع أمرهم إلى السلطان، فيدفع إليهم ما يغنيهم، وبين أن يواسيهم من ماله، فاختار القوم البقاء على الحالة الأولى، والصبر على مضض الفقر وشدته. ويفهم من هذا الحديث: أن مذهب عبد الله، وهؤلاء الثلاثة: أن الفقر المدقع والتجرد عن المكتسبات كلها أفضل، وقد بينا آنفا: أن المسألة مسالة خلاف، وأن الكفاف أفضل على ما ذكرناه آنفا.
و(قوله صلى الله عليه وسلم: إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة