للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أصحاب الجد محبوسون على قنطرة بين الجنة والنار، يُسألون عن فضول أموال كانت بأيديهم (١)، وهذا واضح. وأما الموضع الثاني فقد تقدَّم: أن الخريف هو العام هنا، وأصل الخريف: فصل من فصول السنة، وهو الفصل الذي تخترف فيه الثمار، أي: تُجتنى، فسمي العام بذلك، ويمكن الجمع بين الأربعين وحديث الخمسمائة عام؛ بأن سباق الفقراء يدخلون (٢) قبل سباق الأغنياء بأربعين عاما، وغير سباق الأغنياء بخمسمائة عام؛ إذ في كل صنف من الفريقين سباق، والله أعلم.

وهذه الأحاديث حجَّة واضحة على تفضيل الفقر على الغنى، ويتقرر ذلك من وجهين:

أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا لجبر كسر قلوب الفقراء، ويهون عليهم ما يجدونه من مرارة الفقر، وشدائده بمزية تحصل لهم في الدار الآخرة على الأغنياء، عوضا لهم عما حرموه من الدنيا، وصبرهم، ورضاهم بذلك.

وثانيهما: أن السبق إلى الجنة ونعيمها أولى من التأخر عنها بالضرورة، فهو أفضل.

وثالثها: أن السبق إلى الفوز من أهوال يوم القيامة والصراط، أولى من المقام في تلك الأهوال بالضرورة، فالسابق إلى ذلك أفضل بالضرورة، وحينئذ لا يلتفت لقول من قال: إن السبق إلى الجنة لا يدلّ على أفضلية السابق. وزخرف ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخليقة، ومع ذلك فدخوله الجنة متأخر عن دخول هؤلاء الفقراء؛ لأنَّهم يدخلون قبله، وهو في أرض القيامة؛ تارة عند الميزان،


(١) رواه البخاري (٦٥٣٥).
(٢) في (ز): يسبقون.

<<  <  ج: ص:  >  >>