المتقدم، وأن أهل السعادة يكسون من ثياب الجنة، ولا شك في أن من كسي من ثياب الجنة فقد لبس جبة تقيه مكاره الحشر وعرقه، وحر الشمس والنار، وغير ذلك، فظاهر عمومه يقتضي: أن إبراهيم يكسى قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيجوز أن يكون هذا من خصائص إبراهيم، كما قد خص موسى - عليه السلام - بأن النبي صلى الله عليه وسلم يجده متعلقا بساق العرش، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض، ولا يلزم من هذا أن يكونا أفضل منه مطلقا، بل: هو أفضل من وافى القيامة، وسيد ولد آدم، كما دللنا عليه فيما تقدَّم، ويجوز أن يراد بالناس من عداه من الناس، فلم يدخل تحت خطاب نفسه، والله تعالى أعلم. وقد تقدَّم القول على قوله: إنهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم.
و(قوله: يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين) الطرائق: الأحوال المختلفة، والفرق المتفرقة، ومنه قوله تعالى:{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي: فرقا مختلفة. قال القاضي: هذا الحشر هو في الدنيا قبل قيام الساعة، وهو آخر أشراطها، كما ذكره مسلم بعد هذا في آيات الساعة، قال فيه: وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس وفي رواية: تطرد الناس إلى