تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين.
رواه أحمد (٥/ ٣٤٠)، والبخاري (٦٥٥٥)، ومسلم (٢٨٣٠). وهو عند ابن حبان (٢٠٩) كما في التلخيص. ورواه مسلم بطوله من حديث أبي سعيد الخدري (٢٨٣١)(١١).
ــ
كما يقال: عُشر وعُشُر، وجمعه: آفاق، وقد قيدنا تلك اللفظة على من يوثق به: الغائر - بالهمز - اسم فاعل من غار. وقد روي في غير مسلم: الغارب، بتقديم الراء، ويروى: العازب بالعين المهملة والزاي؛ أي: البعيد، ومعانيها كلها متقاربة. ومن الأفق: رويناه بـ (من) التي لابتداء الغاية، وهي الظرفية، وأما من المشرق، فلم يرو في كتاب مسلم إلا بـ (من). وقد رواه البخاري في المشرق بـ (في) وهي أوضح، فأمَّا من رواهما بـ (من) في الموضعين فأوجه ما فيهما أن تكون الأولى لابتداء الغاية، والثانية بدل منها مبينة لها. وقيل: إنها في قوله: من المشرق؛ لانتهاء الغاية، وهو خروج عن أصلها، وليس معروفا عند أكثر النحويين.
و(قولهم: تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) كذا وقع هنا هذا الحرف. بلى؛ التي أصلها حرف جواب وتصديق، وليس هذا موضعها؛ لأنَّهم لم يستفهموا، وإنَّما أخبروا أن تلك المنازل للأنبياء لا لغيرهم. فجواب هذا يقتضي: أن تكون (بلى) التي للإضراب عن الأول وإيجاب المعنى للثاني، فكأنه تسومح فيها، فوضعت بلى موضع بل. و: رجال، مرفوع بالابتداء المحذوف، تقديره: هم رجال. وفيه أيضًا توسع؛ أي: تلك المنازل منازل رجال آمنوا بالله، أي: حق إيمانه، وصدقوا المرسلين، أي: حق تصديقهم، وإلا فكل من يدخل الجنة آمن بالله، وصدق رسله، ومع ذلك فهم متفاوتون في الدرجات والمنازل، وهذا واضح.