فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا.
رواه أحمد (٣/ ٢٨٤)، ومسلم (٢٨٣٣).
* * *
ــ
وسمي سوقا لقيام الناس فيها على ساق، وقيل: لسوق الناس بضائعهم إليها، فيحتمل أن يكون سوق الجنة عبارة عن مجتمع أهل الجنة، ومحل تزاورهم، وسمي سوقا بالمعنى الأول، ويؤيد هذا أن أهل الجنة لا يفقدون شيئا حتى يحتاجوا إلى شرائه من السوق، ويحتمل أن يكون سوقا مشتملا على محاسن مشتهيات مستلذات، تجمع هنالك مرتبة محسنة، كما تجمع في الأسواق، حتى إذا جاء أهل الجنة فرأوها، فمن اشتهى شيئا وصل إليه من غير مبايعة ولا معاوضة، ونعيم الجنة وخيرها أعظم وأوسع من ذلك كله، وخص يوم الجمعة بذلك لفضيلته، ولما خصه الله تعالى به من الأمور التي تقدَّم ذكرها، ولأنه يوم المزيد؛ أي اليوم الذي يوفى لهم ما وعدوا به من الزيادة. وأيام الجنة تقديرية؛ إذ لا ليل هناك ولا نهار، وإنما هناك أنوار متوالية لا ظلمة معها، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
و(قوله: فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم) ريح الشمال في الدنيا: هي التي تأتي من دبر القبلة من ناحية الشام، وهي التي تأتي بلاد العرب بالأمطار، فهي عندهم أحسن الأرياح، فلذلك سمي ريح الجنة بالشمال، وفي الشمال لغات. يقال: شمال، وشمأل، وشأمل، وشمل، وشمول. حكاها صاحب العين. ويقابلها: الجنوب، وقد سميت هذه الريح في حديث آخر بالمثيرة؛ لأنَّها تثير النعيم والطيب على أهل الجنة.