و(قوله: أمشاطهم الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة) يقال هنا: أي حاجة في الجنة للأمشاط، ولا تتلبد شعورهم ولا تتسخ، وأي حاجة للبخور وريحهم أطيب من المسك؟ ويجاب عن ذلك: بأن نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم، فليس أكلهم عن جوع، ولا شرابهم عن ظمأ، ولا تطيبهم عن نتن، وإنما هي لذات متوالية، ونعم متتابعة، ألا ترى قوله تعالى لآدم:{إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعرَى * وَأَنَّكَ لا تَظمَأُ فِيهَا وَلا تَضحَى} وحكمة ذلك أن الله تعالى نعمهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا، وزادهم على ذلك ما لا يعلمه إلا الله كما قدمناه. وقد تقدَّم الكلام في الألوة وفي لغاتها، وأنها: العود الهندي، في كتاب الطب.
و(قوله: وأزواجهم الحور العين) الحور: جمع حوراء. والحَوَر في العين: شدة بياضها في شدة سوادها. هذا المعروف. قال أبو عمرو: الحَوَر أن تسود العين كلها مثل أعين الظباء والبقر، [وليس في بني آدم حور، وإنما قيل للنساء: حور العين؛ لأنهن تشبهن بالظباء والبقر](١). قال الأصمعي: ما أدري ما الحور في العين. والعِين: جمع عيناء، وهي: الواسعة العين. وفي الصحاح: رجل أعين: واسع العين، والجمع: عين، وأصله فُعل، بالضم، ومنه قيل لبقر الوحش: عين، والثور أعين، والبقرة عيناء.
و(قوله: لكل واحد منهم زوجتان) يعني: أن أدنى من في الجنة درجة له زوجتان، إذ ليس في الجنة أعزب، كما قال. وأم غير هؤلاء فمن ارتفعت منزلته