للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غَيرَ مَا أُعطِيتَ؟ وَيلَكَ يَا ابنَ آدَمَ! مَا أَغدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَي رَبِّ! لا أَكُونُ أَشقَى خَلقِكَ، فَلا يَزَالُ يَدعُو اللهَ حَتَّى يَضحَكَ اللهُ مِنهُ، فَإِذَا ضَحِكَ اللهُ مِنهُ، قَالَ لَهُ: ادخُلِ الجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللهُ لَهُ: تَمَنَّه، فَيَسأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى، حَتَّى إِنَّ اللهَ لَيُذَكِّرُهُ مِن كَذَا وَكَذَا، حَتَّى إِذَا انقَطَعَت بِهِ الأَمَانِيُّ، قَالَ اللهُ: ذَلِكَ لَكَ وَمِثلُهُ مَعَهُ.

ــ

وقوله: فلا يزال يدعو الله حتى يضحكَ الله منه، فإذا ضحك الله منه قال له: ادخل الجنة، الضحك من خواص البشر، وهو تغيُّرٌ أوجَبَه سرورُ القلب بحصول كمال لم يكن حاصلاً قبل، فتثور من القلب حرارةٌ ينبسط لها الوجهُ، ويضيق عنها الفمُ، فينفتح، وهو التبسّم، فإذا زاد ولم يضبط الإنسان نفسه قهقه. وذلك كله على الله تعالى محال (١)، لكن لما كان دلالة عندنا على الرضا ومظهرًا له غالبًا، عُبّر عن سببه به، وقد قالوا: تضحك الأرض من بكاء السماء؛ أي: يظهر خيرها. وفي بعض الحديث: فيبعث الله سحابًا يضحك أحسن الضحك (٢) يعني: السحاب، ومنه قولهم:

. . . . . . . . . . . ... ضحك المشيب برأسه فبكى (٣)

وقال:

في طعنة تضحك عن نجيع

فالضحك في هذه المواضع بمعنى الظهور، فيكون معناه في هذا الحديث: أن الله تعالى رضي عن هذا العبد، وأظهر عليه رحمتَه وفضلَه ونعمته، ولهذا حمله قوم هنا على أنّه تجلّى لهذا العبد وظهر له.

و(قوله في الحديث الآخر: أتسخر مني؟ ) وفي رواية: أتستهزئ مني؟ (٤)،


(١) مذهب السلف: إثبات الضحك لله تعالى من غير تأويل، ولا تكييف، ولا تثبيه، وهو الأسلم.
(٢) رواه أحمد (٥/ ٤٣٥).
(٣) البيت لِدعْبِل بن علي الخزاعي، وصدره:
لا تَعْجبي يا سَلْمُ من رَجُلٍ
(٤) رواه مسلم (١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>