بعضها إلى بعض وتقول: قط قط، بعزتك وكرمك، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة.
رواه أحمد (٣/ ١٣٤)، والبخاريّ (٧٣٨٤)، ومسلم (٢٨٤٨)(٣٨).
* * *
ــ
وكلت بالجبارين والمتكبرين (١). فكأنها تعلو وتطغى حتى كأنها تجاوز الحد، وفي بعض الحديث: أنها تكاد أن تلتقم أهل المحشر فيكسر الله سورتها، وحدتها، ويردها ويذللها ذل متكبر وطئ بالقدم والرجل، فعبر عن تذليلها بذلك، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: فيضع قدمه عليها، وعلى هذا فيكون فيها في الرواية الأخرى بمعنى عليها. كما قال:{وَلأُصَلِّبَنَّكُم فِي جُذُوعِ النَّخلِ} أي: على جذوع النخل.
وثانيهما: أن القدم والرجل عبارة عمن تأخر دخوله في النار من أهلها، وهم جماعات كثيرة؛ لأنَّ أهل النار يلقون فيها فوجا بعد فوج، كما قال تعالى:{كُلَّمَا أُلقِيَ فِيهَا فَوجٌ سَأَلَهُم خَزَنَتُهَا} ويؤيده قوله في هذا الحديث: لا يزال يلقى فيها فالخزنة تنتظر أولئك المتأخرين، إذ قد علموهم بأسمائهم وأوصافهم، كما روي عن ابن مسعود أنه قال: ما في النار بيت ولا سلسلة ولا مقمع ولا تابوت، إلا وعليه اسم صاحبه، فكل واحد من الخزنة ينتظر صاحبه الذي قد عرف اسمه وصفته، فإذا استوفى كل واحد منهم ما أمر به وما ينتظره ولم يبق منهم أحد، قالت الخزنة: قط قط؛ أي: حسبنا حسبنا، اكتفينا اكتفينا. فحينئذ تنزوي جهنم على من فيها؛ أي: تجتمع وتنطبق إذ لم يبق أحد ينتظر، فعبر عن ذلك الجمع المنتظر بالرجل والقدم، كما عبرت العرب عن جماعة الجراد بالرجل، فتقول: