للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القِيَامَةِ. وَهَل تَدرُونَ بِمَ ذلكَ؟ يَجمَعُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنفُذُهُمُ البَصَرُ، وَتَدنُو الشَّمسُ، فَيَبلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَربِ مَا لا يُطِيقُونَ وَما لا يَحتَمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعضُ النَّاسِ لِبَعضٍ: أَلا تَرَونَ مَا أَنتُم فِيهِ؟ أَلا تَرَون مَا قَد بَلَغَكُم؟ أَلا تَنظُرُونَ مَن يَشفَعُ لَكُم إِلَى رَبِّكُم؟ فَيَقُولُ بَعضُ النَّاسِ لِبَعضٍ: ائتُوا آدَمَ، فَيَأتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ! أَنتَ أبو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِن رُوحِهِ،

ــ

لذتها، ولبعدها عن موضع الأثفال (١).

والصعيد المستوي من الأرض. الثرى هو التراب. ثعلب: هو وجه الأرض.

و(قوله: فيسمعهم الداعي وينفُذهم البصر) معناه: أنهم مجتمعون مهتمُّون بما هم فيه لا يخفى منهم أحد، بحيث إن دعاهم داعٍ سمعوه، وإن نظر إليهم ناظر أدركهم. ويحتمل أن يكون الداعي هو الذي يدعوهم إلى العرض والحساب أو أمر آخر، كقوله تعالى: يَومَ يَدعُو الدَّاعِي إِلَى شَيءٍ نُكُرٍ.

و(قوله: خلقك الله بيده) اعلم أنّ الله تعالى منزّه عن يد الجارحة كما قد قدمناه. واليد في كلام العرب تطلق على القدرة والنعمة والملك. واللائق هنا حملُها على القدرة (٢)، وتكون فائدة الاختصاص لآدم: أنّه تعالى خلقه بقدرته ابتداءً من غير سبب ولا واسطة خلق ولا أطوار قلبه فيها، وذلك بخلاف غيره من ولده، ويحتمل أن يكون شرّفه بالإضافة إليه، كما قال: بَيتِيَ. وقد قدّمنا أن التسليم في المشكلات أسلم.

و(قوله: ونفخ فيك من روحه) الروح هنا هو المذكور في قوله: تَنَزَّلُ


(١) "الأثفال": الرجيع والروث.
(٢) مذهب السلف: أنَّ لله تعالى يدًا أثبتها لنفسه من غير تأويل ولا تكلييف ولا تشبيه. وهو الأسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>