للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشفَع لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى إِلَى مَا قَد بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي - عَزَّ وَجَّلَّ - قَد غَضِبَ اليَومَ غَضَبًا لَم يَغضَب قَبلَهُ مِثلَهُ، وَلَن يَغضَبَ بَعدَهُ مِثلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيتُهُ، نَفسِي، نَفسِي، اذهَبُوا إِلَى غَيرِي، اذهَبُوا إِلَى نُوحٍ. فَيَأتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ! أَنتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى الأَرضِ، وَسَمَّاكَ اللهُ عَبدًا شَكُورًا، اشفَع لَنَا إِلَى رَبِّنا، أَلا تَرَى مَا نَحنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَد بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُم: إِنَّ رَبِّي قَد غَضِبَ اليَومَ غَضَبًا لَم يَغضَب قَبلَهُ مِثلَهُ، وَلَن

ــ

المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ ونَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ وشرّفه بالإضافة كما قال: {فَنَفَخنَا فِيهِ مِن رُوحِنَا} وهو جبريل على قول أكثر المفسرين؛ أي: كان كل واحد منهما من نفخة الملك، فصار المنفوخ فيه ذا روح من ريح نفخته، ولا يلتفت إلى ما يقال غير هذا. وقد تقدم أنّ غضب الله عبارة عن انتقامه وحلول عذابه.

والشفاعة أصلها: الضم والجمع، ومنه ناقة شَفُوع، إذا جمعت بين حلبتين في حلبة واحدة، وناقة شافع، إذا اجتمع لها حمل وولد يتبعها. والشفع ضمُّ واحدٍ إلى واحدٍ. والشفعة ضمُّ ملك الشريك إلى ملكك. فالشفاعة إذن ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك، فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفِّع وإيصال منفعةٍ إلى المشفوع له، وسيأتي ذكر أقسامها.

والشكور الكثير الشكر، وهو من أبنية المبالغة، وأصل الشكر الظهور، ومنه دابة شَكور، إذا كانت يظهر عليها من السمن فوق ما تأكله من العلف، وأشكر الضرع، إذا ظهر امتلاؤه باللبن، والسماء بالمطر، فكأنّ الشاكر يظهر القيام بحق المنعم، ولذلك قيل: الشكور هو: الذي ظهر منه الاعتراف بالنعمة، والقيام بالخدمة، وملازمة الحرمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>