للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَغضَبَ بَعدَهُ مِثلَهُ.

وَإِنَّهُ قَد كَانَت لِي دَعوَةٌ دَعَوتُ بِهَا عَلَى قَومِي، نَفسِي، نَفسِي، اذهَبُوا إِلَى إِبرَاهِيمَ. فَيَأتُونَ إِبرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: أَنتَ نَبِيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ مِن أهل الأَرضِ، اشفَع لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَد

ــ

و(قوله: كانت لي دعوة دعوت بها على قومي) يريد قوله: {رَبِّ لا تَذَر عَلَى الأَرضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّارًا} وإبراهيم بالسريانية هو الأب الرحيم، حكاه المفسرون.

والخليل الصديق المخلص، والخُلَّة بضم الخاء الصداقة والمودة، ويقال فيها أيضًا. خلالة بالضم والفتح والكسر، والخَلة بفتح الخاء. الفقر والحاجة، والخِلة بكسرها واحدة خِلل السيوف وهي بطائن أغشيتها، والخلل الفرجة بين الشيئين، والجمع الخلال.

واختُلِف في الخليل اسم إبراهيم - عليه السلام - من أي هذه المعاني والألفاظ أخذ؟ فقيل: إنّه مأخوذ من الخُلّة بمعنى الصداقة، وذلك أنه صدق في محبة الله تعالى، وأخلص فيها حتى آثر محبته على كل محبوباته، فبذل ماله للضيفان وولده للقربان، وجسده للنيران. وقيل: من الخَلَّة التي بمعنى الفقر والحاجة، وذلك أنه افتقر إلى الله في حوائجه ولجأ إليه في فاقته، حتى لم يلتفت إلى غيره، بحيث آلت حاله إلى أن قال له جبريل وهو في الهواء حين رمي في المنجنيق: ألك حاجة؟ فقال: أمّا إليك، فلا. وقيل: من الخَلَل بمعنى الفرجة بين الشيئين، ذلك لما تخلل قلبه من معرفة الله تعالى ومحبته ومراقبته، حتى كأنه مُزجت أجزاء قلبه بذلك. وقد أشار إلى هذا المعنى بعض الشعراء، فقال:

قد تخللت مسلك الروح مني ... ولذا سمي الخليل خليلاً

ولقد جمع هذه المعاني وأحسن من قال في الخلة: إنها صفاء المودّة التي توجب الاختصاص بتخلل الأسرار، والغنى عن الأغيار.

و(قوله: إنما كنت خليلاً من وراء وراء) أي: إنما كنت خليلاً متأخرًا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>