للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأُعطِيتُ الكَنزَينِ: الأَحمَرَ وَالأَبيَضَ، وَإِنِّي سَأَلتُ رَبِّي لِأُمَّتِي ألا يُهلِكَهَا بِسَنَةٍ بعَامَّةٍ، وألا يُسَلِّطَ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن سِوَى أَنفُسِهِم فَيَستَبِيحَ

ــ

و(قوله: إن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها) هذا الخبر قد وجد مخبره كما قال صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك من دلائل نبوته، وذلك أن ملك أمته اتسع إلى أن بلغ أقصى بحر طنجة الذي هو منتهى عمارة المغرب، إلى أقصى المشرق، مما وراء خراسان والنهر، وكثير من بلاد الهند والسند والصغد. ولم يتسع ذلك الاتساع من جهة الجنوب والشمال، ولذلك لم يذكر أنه أريه، ولا أخبر أن ملك أمته يبلغه.

و(قوله: أعطيت الكنزين) يعني به: كنز كسرى، وهو ملك الفرس، وملك قيصر، وهو ملك الروم، وقصورهما، وبلادهما، وقد دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر حين أخبر عن هلاكهما: (لتنفقن كنوزهما في سبيل الله (١)، وعبر بالأحمر عن كنز قيصر؛ لأنَّ الغالب عندهم كان الذهب، وبالأبيض عن كنز كسرى؛ لأنَّ الغالب كان عندهم الفضة والجوهر. وقد ظهر ذلك، ووجد كذلك في زمان الفتوح في خلافة عمر - رضي الله عنه - فإنَّه سيق إليه تاج كسرى وحليته، وما كان في بيوت أمواله، وجميع ما حوته مملكته على سعتها وعظمتها، وكذلك فعل الله بقيصر، لما فتحت بلاده.

و(قوله: وإني دعوت (٢) ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة بعامة) كذا صحت الرواية بالباء في (بعامة) وكأنها زائدة؛ لأنَّ عامة صفة لسنة، فكأنه قال: بسنة عامة، ويعني بالسنة: الجدب العام الذي يكون به الهلاك العام. ويسمى الجدب والقحط: سنة، ويجمع سنين، كما قال تعالى: {وَلَقَد أَخَذنَا آلَ فِرعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ} أي: بالجدب المتوالي. وبيضة المسلمين:


(١) رواه أحمد (٢/ ٢٤٠)، ومسلم (٢٩١٨) (٧٥)، والترمذي (٢٢١٦).
(٢) في مسلم والتلخيص: سألتُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>